[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  من في الدار منه(١).
  ثم يقال للقوم: أليس قد قال اللّه تعالى بعده: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}(٢) ولم يمنع من أن يكون فيها الأطفال وحور العين والولدان وإن لم يستحقوا هذا الوصف، فكذلك لا يمنع أن يدخل النار الفاسق وان لم يستحق أن يوصف «بأنه كافر(٣).
  ١٢٦ - وقوله تعالى: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} من أقوى ما يدل على أن العبد هو الفاعل المختار؛ لأنه إن كان تعالى يخلق المشي فيه، فإن قدمه وجب حصول المسارعة، وإن أخره استحالت المسارعة، فكيف يصح أن يأمره بذلك ويرغبه فيه؟
  على أن المراد بقوله: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}: أي: سارعوا إلى ما تستحقون «المغفرة به دون نفس المغفرة مما(٤) ينفرد تعالى به، فلا يجوز دخوله في تكليفهم، والمراد بذلك التوبة والإنابة(٥)، لكي يقع «التلافي فتستحق(٦) المغفرة، وهذا لا يصح إلا والعبد يؤثر فعلا على فعل.
  ومدحه تعالى لهم بأنهم ينفقون في السراء والضراء(٧) - على قول القوم - لا وجه له؛ لأن الحال إنما يختلف إذا تكلف المنفق مع الضراء ما لا يكاد يلحق مع السراء، وهذا لا يصح إذا كان الإنفاق من خلقه تعالى فيهم؛ لأن الأحوال «كلها في ذلك(٨) تتفق.
(١) د: منهم.
(٢) الآية: ١٣٣ قوله تعالى: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}.
(٣) ف: إنه فاسق.
(٤) د: به المغفرة.
(٥) ساقطة من ف.
(٦) في د التلافي يستحق.
(٧) قال تعالى، {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ} من الآية ١٣٤.
(٨) ساقط من د.