متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 162 - الجزء 1

  ١٢٧ - وكذلك مدحه لهم بقوله تعالى: {وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ} لأن كظم الغيظ انما يعظم وقعه متى تحمل الكلفة في كظمه ومنع نفسه ما تقتضى⁣(⁣١) شهوته وهواه، وذلك لا يصح إذا كان تعالى هو الخالق لذلك فيهم.

  ١٢٨ - وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وتخصيصه لهم بالذكر، يدل على أنه تعالى محب لإحسانهم⁣(⁣٢) «ولو كان إرادته الإساءة⁣(⁣٣) كإرادته الإحسان، لكان حال المسئ والمحسن في ذلك سواء.

  ١٢٩ - وقوله تعالى بعد ذلك: {وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}⁣(⁣٤) يدل على أن العبد هو الفاعل ويبين أنه الذي أضر بنفسه، من حيث أقدم على ذنب يؤديه إلى العقاب؛ ولو كان تعالى هو الذي خلق فيه ذلك لم يكن ظالما لنفسه⁣(⁣٥) فكان ربه الظالم له، وكان لا يحسن «أن يلزم⁣(⁣٦) التوبة؛ لأن الندم على ما⁣(⁣٧) لم يفعله قبيح ولم يكن لإضافة الذنب اليه معنى إذا كان الفاعل فيه غيره.

  ثم أضاف تعالى إلى نفسه المغفرة لما كانت من فعله فقال: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}.

  ثم بين أن هذه المغفرة إنما تحصل لمن ضم إلى توبته الإقلاع واستمر على ذلك، فأما إذا أصر فليس بأهل لها⁣(⁣٨). وكل ذلك يبين ما قلناه.


(١) د: ما تقتضيه.

(٢) د: لهم.

(٣) د: ولو أراد بهم الإساءة.

(٤) الآية: ١٣٥، وتتمتها: {... وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.

(٥) ساقطة من د.

(٦) ساقط من د.

(٧) ساقطة من د.

(٨) انظر تتمة الآية السابقة: ١٣٥.