متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 163 - الجزء 1

  ١٣٠ - دلالة: وقوله تعالى: {هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}⁣[١٣٨] يدل على أن ما تقدم ذكره دلالة للجميع، وأنه تعالى يعم كل مكلف بالبيان والتعريف وإزاحة العلة، وإنما علق⁣(⁣١) اللّه تعالى الهدى بالمتقين لما كانوا هم الذين اهتدوا به، على ما تقدم ذكره⁣(⁣٢)، فصاروا من حيث انتفعوا به كأن الهدى ليس الا لهم، كما أن الوالد قد يتخذ المعلم على أولاده، فإذا رأى النجابة والتقدم والتعلم في أحدهم جاز أن يقول: إنما تكلفت اتخاذ المؤدب لك، وإن كان باتخاذه تأدب الكل.

  ١٣١ - مسألة: وقالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أن ما نال المسلمين من الكفار يوم أحد «من قبله تعالى⁣(⁣٣) فقال: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ}⁣(⁣٤) فأضاف ذلك إلى نفسه.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه يداول الأيام بين الناس، وليس فيه ذكر الأفعال، فلا تعلق لهم بالظاهر.

  فإن قالوا: قد علم أن المراد به ما يحدث في الأيام

  قيل له: لكن الحوادث فيها تختلف، فلا بد من دليل يعلم به المراد بعينه، وما هذا حاله لا يصح التعلق بظاهره.

  والمراد بذلك: أنه تعالى بين لأصحاب الرسول # أن الحروب


(١) د: يخص.

(٢) انظر الفقرات: ١٦، ٢٢، ٢٩.

(٣) ساقط من د.

(٤) الآية: ١٤٠ وتتمتها: {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.