متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 165 - الجزء 1

  ١٣٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن القاتل لا ذنب له، فقال: {وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا}⁣(⁣١) فإذا كان موته بإذنه فلا بد من حصوله في وقت معلوم، فلا ذنب لمن قتل.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام يدل على أنه ليس لها أن تموت إلا باذن اللّه، ولم يذكر تعالى أنها إذا ماتت كيف الحال، فلا تعلق لهم بالظاهر.

  وبعد، فان الظاهر إنما يدل على أن من يموت حكمه ما ذكره، ولا يدخل فيه المقتول، فلا يصح تعلقهم بالظاهر أيضا من هذا الوجه.

  على أنه لا يمتنع ما ذكره القوم؛ لأن عندنا أن المقتول لا يموت إلا باذنه تعالى⁣(⁣٢). والمراد بالإذن هاهنا العلم؛ لأن أحدا لا يقول: إنه يموت بأمره؛ لأن الأمر إنما يؤثر في فعله من طاعة وغيرها، والموت من قبل اللّه تعالى. ونقول:

  إنه «لا يقتل إلا في الوقت⁣(⁣٣) الذي جعله اللّه أجلا له.

  فان قال: فيجب ألا يكون ظالما!


(١) الآية: ١٤٥، وتتمتها: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}.

(٢) لا خلاف عند المعتزلة في أن من قتل فقد مات بأجله، والأجل عندهم هو الوقت الذي في معلوم اللّه سبحانه أن الإنسان يموت فيه أو يقتل، فإذا قتل أو مات كان ذلك بأجله، واختلفوا في المقتول لو لم يقتل كيف يكون حاله في الحياة والموت؟ فعند أبى الهذيل أنه كان يموت قطعا، وإلا كان القاتل قاطعا لأجله، وهذا غير ممكن، وعند البغدادية أنه كان يعيش قطعا، لأنه لو لم يعش لما كان القاتل ظالما له، وقال القاضي عبد الجبار: (والذي عندنا أنه كان يجوز أن يحيا ويجوز أن يموت، ولا يقطع على واحد من الآمرين).

المقالات: ١/ ٢٩٥، شرح الأصول: ٧٨٢ - ٧٨٣.

(٣) د: لا يجعله ملاقى.