[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  قيل له: إنما صار ظالما من حيث أدخل عليه الآلام على وجه الظلم، فلا فرق بين أن يصادف أجله «أم لا(١)، في أنه ظالم في الحالين، ولو آلمه في غير الأجل لمنفعة لم يكن ظالما له، فليس المعتبر في ذلك مصادفة الأجل، والمعتبر بصفة الألم الذي فعله.
  وإنما أراد تعالى الترغيب في الثبات على قتال الكفار، بأن بين أن الموت يحصل لا محالة في الوقت الذي علم نزوله بالعباد، وأن امتناع من امتنع من المقاتلة من المنافقين أو من ثبطهم المنافقون لا يؤخر عنهم الأجل، وهذا ظاهر بحمد اللّه.
  ولذلك قال تعالى من بعد: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها} يعنى رغبة بعضهم في الغنائم يوم أحد: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها} يعنى من شدد في المقاتلة لما أعد له(٢) في الآخرة.
  وبين من بعد أن من أراد الآخرة جمع اللّه له ما أراده، فقال: {فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ}[١٤٨] مبينا بذلك أن فضل النعمة في جنته للمخلصين العاملين بطاعة اللّه تعالى، على كل حال.
  ١٣٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده - تعالى - ما يدل على أن ما لحق المؤمنين يوم أحد من انصرافهم عن الكفار، من قبله تعالى، فقال: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}(٣).
(١) ساقط من ف.
(٢) ساقطة من د.
(٣) قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الآية: ١٥٢.