متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 167 - الجزء 1

  والجواب عن ذلك: أنه لو تولى صرفهم - على ما يقتضيه الظاهر⁣(⁣١) - لم يكن ليذمهم بما ذكره من قبل، وقد قال: {حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ} يعنى يوم بدر⁣(⁣٢) {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} فأضاف أفعالهم إليهم⁣(⁣٣) وذمهم بها، وبين أن التنازع كان من قبلهم، وأنهم عصوا بذلك من حيث لم يثبتوا على ما رسم لهم الرسول صلّى اللّه عليه في المحاربة وعدلوا عنه رغبة في الغنائم، وأنهم فعلوا ذلك و⁣(⁣٤) قد عظمت نعمة اللّه عليهم يوم بدر، ليبين لهم⁣(⁣٥) أن المعصية تقع لمكان تقدم النعمة، فلما بين ذلك أجمع، ذكر أنه صرفهم عنهم، من حيث لم يلطف لهم ولا أعانهم. كفعله بهم⁣(⁣٦) يوم بدر، لأنهم لما عصوا كان الصلاح التشديد عليهم بترك المعونة، فصار قوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} كالجزاء على ما تقدم ذكره من معاصيهم، ولا يكون ذلك الا والمراد ما قلنا. «ولذلك قال⁣(⁣٧): ليبتليكم: يعنى ليمتحنكم؛ لأن للّه تعالى أن يمتحن العباد بما يكون نفعا لهم في العاقبة وإن كان يضر ويغم في الحال، ولو كان تعالى خلق الصرف


(١) ساقطة من ف.

(٢) الذي عليه المفسرون - يؤيده السياق - أن هذا كان أيضا في غزوة أحد، حين ظهر المسلمون على عدوهم أول الأمر، وقتلوا صاحب لواء المشركين وسبعة نفر منهم نجده على اللواء، وذلك قبل أن يتنازع الرماة ويعصوا أمر الرسول في الثبات.

وما يرمى إليه القاضي | من بيان المعصية وأنها تقع لمكان تقدم النعمة، حتى إنه تعالى لم يلطف لهم، حاصل في غزوة أحد ذاتها حيث تقدم فيها الإنعام بالغلبة على المشركين، قبل أن يزلزل المسلمون لمخالفتهم أمر النبي #، وليس لبدر في ذلك مدخل فيما يبدو. نظر الطبري ٤/ ١٢٤ وما بعدها وبخاصة ص ١٢٨ الزمخشري ١/ ٢٢٣، المطبعة التجارية ١٣٥٤ - القرطبي ٤/ ٢٣٦.

(٣) ساقطة من د.

(٤) ساقطة من د.

(٥) ساقطة من ف.

(٦) ساقطة من د.

(٧) د: وكذلك.