[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ما أقدم عليه هذا الخائن، وأنه تعالى مع كل عاص، بمعنى أنه يعلم باطنه وظاهره، كما يعلم من جاوره أحواله الظاهرة، مخوفا بذلك عن المعاصي وعن إضافة الخيانة إلى السليم منها.
  ثم قال تعالى: {إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ} مبينا بذلك أن هذه الأمور ليست من قبله، ولا تقع برضاه على ما شرحناه.
  ١٧١ - دلالة: وقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[١١٢] يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يخلق أفعال العباد ثم يعاقبهم عليها؛ لأنه إن(١) كان هو الخالق لها، فهم برآء منها بأكثر من كون زيد بريئا من فعل عمرو، فإذا كان عمرو إذن اكتسب المعصية ورمى زيدا بها فقد احتمل البهتان بذلك. واللّه تعالى، لو كان الأمر كما يزعم القوم، أولى، تعالى اللّه عن ذلك.
  فأما قولهم: إن العبد يكسب - فليس يبرأ في الحقيقة مما خلقه اللّه فيه - فجهل؛ لأن اكتسابه لا(٢) يؤثر في أنه تعالى قد أدخله في الفعل وجعله بحيث لا يمكنه المحيص منه، وبحيث لا بد من أن يكون مختارا مكتسبا، إن صح للكسب معنى، فلا يخرج العبد من أن يكون بريئا من ذلك.
  هذا، ولا يصح إذا قيل إنه تعالى أوجد الفعل وأحدثه وأوجد القدرة والاختيار في القلب - والفعل لا يتجزأ، لأنه معنى واحد - «أن يقال(٣): إنه كسب للعبد، بل لو أراد المريد(٤) أن ينفيه عن العبد بكل جهده لم يفعل إلا ما قاله القوم من أن اللّه تعالى خلقه بسائر جهاته وخلق ما أوجبه من القدرة والإرادة.
  ١٧٢ - دلالة: وقوله تعالى: {لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ
(١) ساقطة من د.
(٢) ساقطة من ف.
(٣) في د: ويقال.
(٤) د: المراد.