متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 205 - الجزء 1

  أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}⁣[١٢٣] يدل على أن العبد يفعل ويعمل ويستحق الجزاء عليه.

  ويدل أيضا على أن المرتكب للكبائر لا بد من أن يجازى عليها؛ لأنا قد بينا أن الجزاء هو الواقع⁣(⁣١)، فإذا أخبر أن من يعمل سوءا يجز به وثبت صدقه في إخباره وجب القطع على ذلك.

  وكان الحسن | يقول: «إن أناسا غرتهم أماني المغفرة، خرجوا من الدنيا وليست لهم حسنة، يقولون: نحسن الظن بربنا، لو أحسنوا الظن به لأحسنوا الطاعة له»،!

  ١٧٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يخلق أفعال العباد، وعلى أنه جسم يجوز عليه الإحاطة، فقال: {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً}⁣[١٢٦].

  والجواب عن ذلك: أن اللغوي إذا أطلق هذه اللفظة فإنما يريد بها ما لا يعقل من الأعيان؛ لأنه لو قيل لأحدهم: ما عندك؟ لأجاب بما هذا حاله، ولم يحسن أن يجيب «بذكر الحركات⁣(⁣٢) والسكنات، وعندنا أن ما في السماوات والأرض للّه تعالى ومن فعله.

  وبعد، فإن قولنا في الشيء: إنه للّه، لا يدل على أنه فعله؛ لأن هذه الإضافة تتصرف على جهات، فمن أين أن المراد بها الإضافة الفعلية دون سائر الإضافات؟

  فإن قال: فإذا دلت الآية، من حيث الإضافة، على أنه تعالى مالكها، دل على أنه القادر عليها، وذلك يعود إلى ما قلناه.


(١) انظر الفقرة: ١٦٨.

(٢) د: بالحركات.