[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ}[١٢٣] يدل على أن العبد يفعل ويعمل ويستحق الجزاء عليه.
  ويدل أيضا على أن المرتكب للكبائر لا بد من أن يجازى عليها؛ لأنا قد بينا أن الجزاء هو الواقع(١)، فإذا أخبر أن من يعمل سوءا يجز به وثبت صدقه في إخباره وجب القطع على ذلك.
  وكان الحسن | يقول: «إن أناسا غرتهم أماني المغفرة، خرجوا من الدنيا وليست لهم حسنة، يقولون: نحسن الظن بربنا، لو أحسنوا الظن به لأحسنوا الطاعة له»،!
  ١٧٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يخلق أفعال العباد، وعلى أنه جسم يجوز عليه الإحاطة، فقال: {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً}[١٢٦].
  والجواب عن ذلك: أن اللغوي إذا أطلق هذه اللفظة فإنما يريد بها ما لا يعقل من الأعيان؛ لأنه لو قيل لأحدهم: ما عندك؟ لأجاب بما هذا حاله، ولم يحسن أن يجيب «بذكر الحركات(٢) والسكنات، وعندنا أن ما في السماوات والأرض للّه تعالى ومن فعله.
  وبعد، فإن قولنا في الشيء: إنه للّه، لا يدل على أنه فعله؛ لأن هذه الإضافة تتصرف على جهات، فمن أين أن المراد بها الإضافة الفعلية دون سائر الإضافات؟
  فإن قال: فإذا دلت الآية، من حيث الإضافة، على أنه تعالى مالكها، دل على أنه القادر عليها، وذلك يعود إلى ما قلناه.
(١) انظر الفقرة: ١٦٨.
(٢) د: بالحركات.