[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  قيل له: إن الموجود إذا قيل إنه تعالى مالكه فهو مجاز، لأن القدرة على الموجود تستحيل، وإنما يراد به «أنه يملك أمرا سواه(١) له به تعلق، كما يراد بقولنا: إن زيدا يملك الدار، أنه يملك التصرف فيها، وهو تعالى لا يمتنع أن يوصف بأنه مالك أفعال العباد، بمعنى أنه يقدر على إعدامها، أو يقدر فيما لم(٢) يوجد منها على المنع منها، وليس في ذلك ما يدل على ما توهموه.
  وأما قوله تعالى: {وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً} فإن حمل على ظاهره اقتضى كونه محتويا على «كل الأجسام(٣)، وذلك يتناقض، لأن الشيء إذا احتوى على جمل الأشياء(٤) استحال كونه محتويا على كل واحد منها، لما فيه من إيجاب كونه، أو كون(٥) بعضه، في مكانين، ولأن احتواء الشيء على الأشياء يقتضى أنه أزيد منها في بعض جهات تركيبه، وهذا يستحيل عند الكل عليه تعالى، فلا ظاهر يصح تعلقه به على قول المجسمة.
  والمراد بذلك: أنه تعالى مقتدر على الأشياء، لأن هذه اللفظة في الاقتدار متعارفة، ولأن صدر الكلام يدل عليه.
  ولا يقال - بهذا(٦) اللفظ - إنه مقتدر على المعدوم، لأن نفس الإحاطة إذا كانت إنما تصح في الموجود، فإذا اتسع بها في الاقتدار على الشيء من سائر جهاته تشبيها بالإحاطة، فيجب كونه موجودا! وقد بينا أن المراد بالموجود إذا قيل إنه مقتدر عليه، أنه قادر على إعدامه وتفريقه، فلا يصح التعلق بذلك في أنه الخالق لأفعال العباد!
(١) د: أمره فليس.
(٢) ساقطة من ف.
(٣) ف: الأجسام كلها.
(٤) ف: الأجسام.
(٥) ساقطة من د.
(٦) ف: هذا.