متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 207 - الجزء 1

  ١٧٤ - مسألة⁣(⁣١): قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن صاحب العدد⁣(⁣٢) من النساء لا يستطيع أن يعدل بينهن، وإن كان قد كلف ذلك، فقال:

  {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}⁣[٢٢٩] وهذا يدل على تجويز تكليف ما لا يطاق.⁣(⁣٣)

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنهم لا يستطيعون أن يسووا بين النساء، ولم يذكر الأمر الذي يسوى بينهن فيه، وما هذا حاله لا يستقل بنفسه، فلا يصح التعلق بظاهره؛ لأن أحدنا لو قال لغيره: لا تستطيع أن تسوى بين زيد وعمرو، لم يعقل المراد به إلا بذكر الأمر المخصوص الذي أراده.

  والمراد بالآية: أن أحدنا لا يستطيع فيما يتعلق بميل النفس والشهوة، أن يسوى بين النساء؛ لأن ذلك من خلق اللّه تعالى فيه، ولذلك ترى بعض الناس لو اشتد حرصه على أن يشتهى ما يسهل عليه تناوله ليتمكن من القناعة، لم يتمكن من ذلك، فلو أراد قصر شهوته⁣(⁣٤) على ما تحويه يده لما أمكنه، فصارت الشهوة بمنزلة الصحة والهيئة واللون⁣(⁣٥) وغيرها، في أنه لا قدرة للعبد فيه ولا استطاعة، واللّه تعالى لم يكلف أن يسوى المرء بين نسائه في هذا الوجه، وإن ألزمه التسوية بينهن في القسم والأحكام المتعلقة بأفعال الجوارح، ولذلك قال #: «هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما⁣(⁣٦) لا أملك⁣(⁣٧)» يعنى ما يتعلق بشهوة القلب.


(١) ساقطة من د.

(٢) ف: العدة.

(٣) ساقطة من د.

(٤) د: شهيته.

(٥) ف: الألوان.

(٦) د: بما.

(٧) الحديث من رواية عائشة ^، وقد أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وفي أبى داود عنها: (قالت: كان رسول اللّه يقسم بين =