متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 222 - الجزء 1

  واختلفوا في المذكورين في الآية، فمنهم من يقول: إنه قابيل وهابيل، وهما ولدا آدم لصلبه، على ما يقتضيه ظاهر الكلام، وإليه يذهب أبو علي | وكثير من المتقدمين، فأما الحسن وغيره فإنهم يقولون: إن المراد بهما بعض بني إسرائيل، وتعلقوا بقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ}⁣(⁣١) وبأن القرابين⁣(⁣٢) كانت من عباداتهم. وليس هذا مما يختلف به الكلام فيما يتعلق بالمخالفين⁣(⁣٣).

  ١٩٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن قاتل النفس قد يؤخذ «بذنب غيره من القتلة، فقال⁣(⁣٤): {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}⁣[٣٢].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن قاتل النفس المحرمة مشبه بمن قتل الناس جميعا؛ وليس فيه بيان وجه التشبيه. ومتى قيل: إن زيدا القاتل كعمرو، فليس فيه بيان الوجه الذي فيه مثّل، وما هذا حاله، لا ظاهر له؛ لأنه لا يمكن من حيث اللفظ أن يدعى فيه العموم، فلا بد إذا من الدخول تحت التأويل.

  ومتى تشاغلوا بالدلالة على أن المراد ما قالوه خرجوا من التعلق بالظاهر، وصاروا يتنازعون المراد بذكر الأدلة والقرائن.

  والمراد بذلك: أن المبتدئ بقتل النفس المحرمة، من حيث يتأسى به في


(١) من الآية ٣٢، وانظر الفقرة التالية.

(٢) في د: القرائن.

(٣) رجح الطبري أنهما ولدا آدم لصلبه، ودلل على ذلك بعد أن عرض مختلف الروايات في تفسير الآية. أما الحسن فكان يقول: إن آدم أول من مات. انظر جامع البيان:

٦/ ١٨٦ - ١٩٠، طبع الحلبي سنة ١٣٧٣.

(٤) ساقط من د.