متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 223 - الجزء 1

  القتل الكثير⁣(⁣١). يصير كأنه القاتل لجميع النفوس إذا وقع على هذا الحد.

  ولذلك قال تعالى:

  {وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}⁣(⁣٢)، وهذ هو معنى ما روى عن النبي أنه قال «من سن سنة حسنة قله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها»⁣(⁣٣).

  فإن قال: إن هذا التأويل لا يزيل عنكم الكلام؛ لأنه يوجب أن القاتل الأول يستحق زيادة العقوبة بقتل غيره.

  قيل له: إنما يستحقها، لأن المعلوم في قتله من حيث يقتدى به «فيه أنه⁣(⁣٤) يعظم؛ فيكثر عقابه⁣(⁣٥)، وقد يعظم الفعل لأمور مستقبلة: ألا ترى أن الواحد منا إذا تكلف اتخاذ مصنعة في طريق يكثر سلوكه والانتفاع بما فعله، أن ثوابه يكون أعظم من ثواب من أنفق مثله باتخاذ مصنعة في طريق منقطعة، فلذلك صح ما نقوله⁣(⁣٦) من أن الرسول # أفضل الأنبياء، من حيث وقع بدعائه في النفع ما لم يقع بغيره. وهذا ظاهر.

  ١٩١ - دلالة: وقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ}⁣[٣٨] يدل على أن السرقة المخصوصة المرادة بالآية يستحق بها العقاب، وأنها أكبر من سائر طاعات فاعلها، لأنه


(١) ف: كثير.

(٢) من تتمة الآية السابقة: ٣٢.

(٣) أخرجه ابن ماجة بلفظ: (من سن سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا، ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا) وفيه عدة روايات بألفاظ متقاربة، السنن ١/ ٤٦ - ٤٧.

(٤) ساقط من د.

(٥) ساقطة من د.

(٦) في د: أن ما نقوله.