[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  تعالى عم بإيجاب القطع فيها على سبيل الجزاء والنكال، ولم يخص سارقا من سارق، والكل في الدخول تحته على حد واحد.
  وليس لأحد أن يحمل ذلك على الكفار لمكان العموم(١)، لأن قوله:
  {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} تعريف(٢) فإذا لم يكن هناك عهد يتوجه الخطاب نحوه، فالمراد به الجنس من غير تخصيص واحد من واحد، وإن كان لفظه لفظ الواحد، ولذلك صح منه تعالى أن يستثنى منه، فقال {فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ}(٣) وهذا بمنزلة الاستثناء، وهذا كقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ}(٤) فلما عرّف الإنسان وفقد العهد انصرف إلى الجنس، فصح أن يقول:
  {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}(٥).
  ولأن دخول الجزاء على جهة الزجر عن السرقة يقتضى العموم، وإلا كان لا يكون زجرا للجميع، ويجرى مجرى قوله: من سرق فاقطعوا يده، لمكان معنى الشرط والجزاء.
  ولأنه من حيث تعلق القطع بالسرقة وأخرج الفاعل من أن يكون له تأثير في الخطاب، فوجب تعلق القطع بها كيفما حصلت، وصار ذلك بمنزلة قوله:
  إن من حق السرقة أن يستحق بها القطع على جهة الجزاء والنكال.
  وكل ذلك يوجب أنها إذا وقعت من أهل الصلاة دخلوا تحت الوعيد، كهى إذا وقعت من الكفار.
  وقد وصف اللّه تعالى هذا القطع بصفة العقاب، لأنه تعالى جعله جزاء
(١) د: معلوم.
(٢) ساقطة من د.
(٣) من الآية: ٣٩، وسقط من د كلمة «من».
(٤) سورة العصر: ١ - ٢.
(٥) من الآية ٣ في سورة العصر.