متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 227 - الجزء 1

  يعقبه بالذم، ولا أن يجعله في حكم الجزاء على ما لأجله عاقبهم وأراد ذلك فيهم.

  ١٩٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن من لم يحكم بما أنزل اللّه فهو كافر، كما أنه ظالم فاسق، فقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ...}⁣[٤٤] «وهذا يوجب صحة قول الخوارج⁣(⁣١).

  والجواب عن ذلك من وجوه: منها: أن المراد بالآية اليهود فقط، لأنه تعالى قال من بعده: {وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}⁣[٤٦] وذلك يوجب تخصيص الكلام، ويقتضى أن من لم يحكم بما أنزل اللّه من اليهود فهو كافر.

  فإن قال: إذا صح فيهم ذلك من حيث لم يحكموا بما أنزل اللّه، استمر فينا أيضا، وصار عاما من هذا الوجه!

  قيل له: إنه لا يمتنع «فيما هو كفر⁣(⁣٢) أن يختلف بالشرائع، فكذلك الكبائر، لأنه يختلف مواقعه لأحوال ترجع إلى المكلف⁣(⁣٣)، فهو كالمصالح في ذلك، فلا يجب ما ذكرته.

  ومنها: أن ظاهر الآية يقتضى أن من لم يحكم بكل ما أنزل اللّه فهو كافر؛ لأن لفظة: «ما» في المجازاة يعم، ومن هذا حاله لا بد أن يكون كافرا، لأن في جملة الأحكام ما يعلم من دين⁣(⁣٤) الرسول # ضرورة، فمتى لم يحكم به وبصحته فهو كافر لا محالة.


(١) ساقط من د.

(٢) ساقط من ف.

(٣) د: الملك.

(٤) د: دون.