متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 228 - الجزء 1

  ومنها: أن ظاهر الكلام لا يقتضى أن المراد بالحكم الفعل دون القول؛ أو ما يتعلق بغيره دون ما يخصه، ومن لم يحكم بالمذاهب وصحتها بما أنزل اللّه فهو كافر، وكل ذلك يمنع من تعلق القوم به⁣(⁣١).

  ١٩٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه لم يرد من جميع المكلفين الإيمان، فقال: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً}⁣(⁣٢) ولو أراد من جميعهم الإيمان، وأن⁣(⁣٣) يتفقوا في ذلك، لكان قد شاء أن يجعلهم أمة واحدة.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام يقتضى أنه لم⁣(⁣٤) يشأ أن يجعلهم أمة واحدة، وإرادته⁣(⁣٥) منهم أن يؤمنوا «ليس بإرادة⁣(⁣٦) أن يجعلهم هم مؤمنين


(١) ذهب الخوارج إلى تسمية صاحب الكبيرة كافرا، خلافا للمعتزلة في تسميته فاسقا وجعله في المنزلة بين المنزلتين، وخلافا للمرجئة كذلك في تسميته مؤمنا، وقد احتجوا بأن الكافر إنما سمي كافرا لأنه ترك الواجبات وأقدم على المقبحات، وهذه حال الفاسق، فيجب أن يسمى كافرا، واحتجوا من كتاب اللّه تعالى بآيات، منها آية المائدة هذه، وعدوها نصا صريحا في موضع النزاع، كما يقول القاضي، وقد بين القاضي في الرد عليهم أنه لا بد من العدول عن ظاهر الآية، لأنه يقتضي أن من لم يحكم بجميع ما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون، لأن «ما» و «من» موضوعتان للعموم والاستغراق، وإذا تنازعوا التأويل، فلا بد من تأويل الآية بما يوافق الأدلة، وعند القاضي أن المراد بها: أن من لم يحكم بما أنزل اللّه على وجه الاستحلال فهو كافر، ولا خلاف في ذلك. انظر أدلة المعتزلة على أن صاحب الكبيرة لا يسمى كافرا: شرح الأصول الخمسة ٧١٢ - ٧٢٠، ورد القاضي لشبه الخوارج ص ٧٢٠ - ٧٢٧ وانظر حول - الآية كذلك: أمالي المرتضى ١/ ١٦٥ - ١٦٦.

(٢) قال تعالى: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} الآية: ٤٨.

(٣) د: وإن لم.

(٤) ف: لو.

(٥) د: وأراد.

(٦) د: لأن بإرادته.