[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ويحتمل أيضا أن يريد في دار الدنيا، أنهم لشدة تمسكهم بالكفر والتكذيب بآيات اللّه، وإعراضهم عما يسمعون، وعن المذاكرة بما أريد منهم، شبههم بمن هو في الحقيقة بهذه الصفة، على ما بيناه في نظائره.
  ٢١١ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه تعالى يأخذ سمع المكلف وبصره ويختم على قلبه، فقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ؟!}[٤٦].
  والجواب عن ذلك: أنه تعالى ذكر أنه إن فعل ذلك لم يجز أن تعيد لهم هذه الأحوال ما يدعوه من الآلهة. وليس فيه أنه قد جعلهم بهذه الصفة، فلا ظاهر للقوم يتعلقون به!
  والمراد به تبكيت من اتخذ معه إلها، ظنا منه بأنه يسمع أو يبصر فقال: قل أرأيتم إن سلبكم تعالى هذه الحواس أتؤملون أن يكون فيمن تعبدون من الأصنام من يخلقها فيكم؟! مبينا بذلك أن لا وجه لعبادتها، وأن الواجب أن يعبدوه مخلصين غير متخذين معه إلها سواه.
  ٢١٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه قد أراد من بعض المؤمنين أن يطعنوا في بعض، وأن يظهروا لهم الحسد والعداوة فقال:
  {وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا}[٥٣].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يدل على أنه فتن بعضهم ببعض إرادة منه لأن يقولوا هذا القول؛ لأنه قد يجوز أن يريد أن يقولوه على جهة الاستفهام