[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ذلك، فحمله على العموم يقتضى أنه خلق المعدوم والموجود، وذلك يتناقض، وما حل هذا المحل مما إن حمل على العموم يتناقض، فالواجب أن يوقف فيه على الدليل. وليس هو من الباب الذي يحمل على ما عدا ما دل عليه الدليل، لأن ذلك إنما يفعل فيما يمكن حمله على عمومه، أو يتميز كل متقدم على(١) ما يحمل عليه مما لا يجوز حمله عليه.
  ومما يقال في ذلك: إنه تعالى كما بين في هذه الآية العموم، فقد قال:
  {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ}(٢) إلى غير ذلك، فإذا جمعنا بين الكلامين اقتضى ذلك أنه تعالى خلق القبيح، وهذا أنه لم يخلق إلا الحسن، فلا بد من أن يكون كل واحد منهما مانعا الآخر من التعميم، ويوجب الرجوع إلى الدلالة. بل لو قيل: إن هذا أخص لجاز، لأن ذلك يتناول الحسن والقبيح، وهذا يخص الحسن!
  وبعد، فلو كان ظاهره يقتضى ما قالوه لوجب بدلالة العقل صرفه إلى ما ذكرناه، لأنه يختص بالحسن، ولأنه تعالى(٣) لا يجوز أن يكون خالقا لسب نفسه وسوء الثناء عليه، والقول بأنه ثالث ثلاثة، وأنه اتخذ صاحبة وولدا، فلا يجوز أن يخلق ذلك ثم يعاقب عليه، ويقدم النار لمن خلق الكفر فيه، والجنة لمن خلق فيه الإيمان، ويقول مع ذلك: {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى}(٤) {فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(٥) لأن ذلك عبث لا يقع من الحكيم، فكل ذلك يبين أن المراد بالآية ما قلناه.
(١) ساقطة من د.
(٢) من الآية: ٧ في سورة السجدة، وفي النسختين: هو الّذى!
(٣) ساقطة من د.
(٤) من الآية: ٩٤ في سورة الإسراء.
(٥) سورة الانشقاق: ٢٠.