[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٢٢١ - دلالة: وقوله تعالى {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ...}[١٠٣] يدل على أنه تعالى لا يجوز أن يرى بالأبصار والعيون، على وجه، في كل وقت، من غير تخصيص، لأنه تعالى عم بالنفي، وذكر ذلك(١) على جهة «التنزه والمدح(٢) وما تمدح بنفيه(٣)، مما يرجع إلى ذاته، لم يقع إثباته إلا ذما، فيجب أن يدل الظاهر على ما قلناه، كما كان يدل لو قال: لا تراه الأبصار، لأن الإدراك إذا قرن بالبصر زال عنه الاحتمال، ولا يجوز(٤) في اللغة أن يراد به إلا الرؤية بالبصر، ولذلك يجريان(٥) في النفي والإثبات على حد واحد.
  ٢٢٢ - وقوله تعالى من بعد: {قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ...}[١٠٤] يدل على أن ما تقدم ذكره هي أدلة اللّه تعالى، وأن الواجب عليهم تدبره والتفكر فيه، وهذا بين.
  ٢٢٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يريد من المكلف الرد على الرسول #، فقال: {وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ}[١٠٥].
  والجواب عن ذلك: أن دخول الواو بين الجملتين يمنع من أن يحمل بظاهره على أن المراد بالأول أن يفعل الثاني، لأن من حق هذا الباب أن يكون في حكم الجملة الواحدة، لاتصال الثاني بالأول، فلا يمكنهم التعلق بالظاهر.
(١) ساقطة من ف.
(٢) ف: التنزيه.
(٣) في د: وإنما يمدح بنفسه.
(٤) د: ولا يجيء.
(٥) د: يحركان.