[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  والمراد بذلك: أنه تعالى يصرف الآيات وتوالى حدوثها حالا بعد حال لئلا يقولوا: درست، مثل قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} يعنى: لئلا تضلوا، ومتى حمل على هذا الوجه كان الثاني مشاكلا للأول.
  ويحتمل أن تكرر(١) إحداث الآيات، ليقولوا: دارست ذلك علينا وتلوته مرة بعد مرة، فيكون محمولا على ظاهره، ولذلك قال من بعده:
  {وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}(٢)
  ٢٢٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه لو شاء لم يشركوا، وإنما أشركوا، بمشيئته، فقال: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}(٣).
  والجواب عن ذلك: أن المراد بالآية: ولو شاء أن يلجئهم إلى الإيمان ويجمعهم على الهدى ما أشركوا. لكنه لما أراد تعريضهم للثواب أزال الإلجاء، فاختار بعضهم الشرك لسوء اختيارهم.
  وقد بينا أن الظاهر لا يمكن التعلق به من قبل، ولذلك ذمهم، قال تعالى:
  {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}(٤)، على جهة الاستخفاف بهم؛ لما أقدموا عليه من المعاداة. ثم بين أنه تعالى لو أراد أن يلجئهم إلى ترك الشرك لفعل، وعزى رسول اللّه صلّى اللّه عليه في ذلك فقال: {وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} ولو كان المراد به مشيئة الإجبار لم يكن لهذا القول عقيب ذلك معنى!
(١) ساقطة من ف.
(٢) تتمة الآية السابقة: ١٠٥
(٣) الآية ١٠٧ وتتمتها: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}
(٤) من الآية: ١٠٦