متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 257 - الجزء 1

  ٢٢٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه زين لكل أمة ما يعملون من كفر وإيمان فقال تعالى: {كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}⁣[١٠٨].

  والجواب عن ذلك: أن من يخالفنا فيزعم أنه تعالى قد شاء الكفر من الكفار، كما شاء الإيمان، لا يبلغ جهله أن يقول: قد زين للكافر الكفر، بل إنه عندهم قد قبح عليهم وزين خلاف ما اختاروه، وكما لا يقولون إنه تعالى رغب في الكفر وأمر به «فكذلك لا يقولون⁣(⁣١): زينة؟ فلا يصح لمسلم التعلق بهذا الظاهر. ولا بد فيه ضرورة من الرجوع إلى التأويل.

  والمراد بذلك: أنه تعالى زين لكل أمة العمل الذي كلفهم وأمرهم به ونهاهم عن خلافه، ولو أن الرجل منا أقبل على بعض أولاده فقال: ليكن عملك اليوم تدبير الضيعة، وأقبل على الآخرين فقال: ليكن عملكم الاشتغال بالعلم، صلح أن يقول: قد رغبت كلا الفريقين، وزينت لكل واحد منكم عمله، ولا يعنى ما أقدم عليه، وإنما يريد ما يزينه له.

  «ولو كان الأمر⁣(⁣٢) كما قالوا من أنه تعالى زين الكفر، لم يكن ليضيف إلى الشيطان أنه زين أعمال الكفار، ولا كان لقوله تعالى: {ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ}⁣(⁣٣) معنى.

  ٢٢٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يغير القلوب والأبصار، ويقلبها من حال إلى حال، فقال تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ


(١) د: فكيف يقولون.

(٢) ساقط من د.

(٣) من تتمة الآية: ١٠٨.