[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٢٢٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه زين لكل أمة ما يعملون من كفر وإيمان فقال تعالى: {كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[١٠٨].
  والجواب عن ذلك: أن من يخالفنا فيزعم أنه تعالى قد شاء الكفر من الكفار، كما شاء الإيمان، لا يبلغ جهله أن يقول: قد زين للكافر الكفر، بل إنه عندهم قد قبح عليهم وزين خلاف ما اختاروه، وكما لا يقولون إنه تعالى رغب في الكفر وأمر به «فكذلك لا يقولون(١): زينة؟ فلا يصح لمسلم التعلق بهذا الظاهر. ولا بد فيه ضرورة من الرجوع إلى التأويل.
  والمراد بذلك: أنه تعالى زين لكل أمة العمل الذي كلفهم وأمرهم به ونهاهم عن خلافه، ولو أن الرجل منا أقبل على بعض أولاده فقال: ليكن عملك اليوم تدبير الضيعة، وأقبل على الآخرين فقال: ليكن عملكم الاشتغال بالعلم، صلح أن يقول: قد رغبت كلا الفريقين، وزينت لكل واحد منكم عمله، ولا يعنى ما أقدم عليه، وإنما يريد ما يزينه له.
  «ولو كان الأمر(٢) كما قالوا من أنه تعالى زين الكفر، لم يكن ليضيف إلى الشيطان أنه زين أعمال الكفار، ولا كان لقوله تعالى: {ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ}(٣) معنى.
  ٢٢٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يغير القلوب والأبصار، ويقلبها من حال إلى حال، فقال تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ
(١) د: فكيف يقولون.
(٢) ساقط من د.
(٣) من تتمة الآية: ١٠٨.