[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وإنما أراد تعالى أن هؤلاء الكفار معلوم من حالهم أنهم قد انتهوا في التمرد وشدة التمسك بالكفر إلى حد لا يؤثر فيهم شيء من الآيات، وأنه لو كان المعلوم أن شيئا منها يؤثر لفعله تعالى، لكنه قد أقام الحجة بما فعل وأزاح العلة، ولم يدع ما لو(١) فعل كانوا إلى الإيمان أقرب، فمن قبل أنفسهم أتوا.
  وهذا أقوى في الدلالة على أنه تعالى يلطف لعباده، وأنه متى علم من حالهم أو حال بعضهم، أنه يؤمن عند شيء فلا بد من أن يفعله(٢)؛ لأنه لو جاز أن لا يفعله؛ لم يكن لهذا القول الدال على أنه لم يفعل هذه الآيات؛ من حيث علم أنهم لا يؤمنون، معنى.
  ٢٢٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أنه تعالى جعل لكل نبي عدوا، وأنه خلق فيهم عداوتهم، À، فقال تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} الآية ... [١١٢].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يدل على ما قالوه، وذلك أنه تعالى قال {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا} وليس فيه أنه الخالق لعداوتهم(٣)، فالظاهر لا يدل على موضع الخلاف؛ لأنا لا نأبى(٤) أنه تعالى يخلق أعداء الأنبياء من شياطين الإنس والجن(٥).
  فإن قال: فلما ذا أضاف [الفعل] إلى نفسه؟
  قيل له: المراد بذلك أنه بين للأنبياء شدة عداوتهم لهم، فمن حيث بين
(١) ساقطة من د.
(٢) انظر الفقرة ١٤ مع التعليق.
(٣) ف: لعداوته.
(٤) ف: لا نأمن.
(٥) تتمة الآية ١١٢: قوله تعالى {شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ}.