متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 261 - الجزء 1

  ما⁣(⁣١) يعمله، فقال تعالى: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} ... إلى آخر الآية⁣(⁣٢) [١٢٢].

  والجواب عن ذلك: أنه تعالى ذكر أنه زين لهم، ولم يبين ما الذي زينه، وهذا لا ظاهر له في إثبات الفاعل على ما بينا في نظائره⁣(⁣٣).

  والمراد بذلك: أن شياطين الإنس والجن زينوا⁣(⁣٤) لهم ما كانوا يعملون على ما صرح بذكره في سائر الآيات. وإنما أراد أن يبين الترغيب والترهيب، فذكر حال من رغبه في الإيمان ولطف به فاتبع ذلك، في وصفه بأنه أحياه وجعل له نورا يمشى به في الناس، وبين أنه بخلاف من مثله في الظلمات وقد زين له الشياطين عمله فتبعه واقتدى به، وهذا ظاهر في الترغيب والترهب.

  ٢٣٣ - مسألة: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه تعالى يريد المكر ممن يقدر عليه، فقال تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها}⁣[١٢٣].

  والجواب عن ذلك: أنه تعالى أراد به أن عاقبة أمرهم أن يمكروا في القرى التي سكنهم اللّه تعالى فيها، كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً}⁣(⁣٥) وكقول الشاعر:

  وأم سماك فلا تجزعي ... فللموت ما تلد الوالدة

  ولا يجوز أن يكون تعالى يجعلهم أكابر ليمكروا ويعصوا، وقد قال تعالى:


(١) ساقطة من د.

(٢) تتمتها: {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}.

(٣) انظر الفقرة: ٤٥، والفقرة: ٦٦.

(٤) في النسختين: زين.

(٥) من الآية: ٨ في سورة القصص.