متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 263 - الجزء 1

  فإن قال: لأنه تعالى قال: {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} فجعل شرح الصدر كالموجب عما أراده به من الهدى.

  قيل له: لو قلنا ذلك، لكان إنما يدل على أنه تعالى قد أراد التمسك بالإيمان، ولا يدل على أنه خلق! وهذا قولنا.

  فإن قالوا: أفيلزم أن تقولوا بمثله في قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ}.

  قيل له: لا يجب إذا حملنا الظاهر الأول على حقيقته أن نحمل الثاني مع قيام الدلالة المضطرة إلى حمله على التوسع؛ لأن القياس لا يستعمل فيما هذا حاله⁣(⁣١).

  وبعد، فإن ظاهر الكلام يقتضى أنه أراد بقوله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ} عما هدى إليه الفرقة الأولى، بأن يضله عن الأدلة والبيان⁣(⁣٢) وهذا مما يطلقه القوم؛ لأنهم لا يجوزون التكليف مع فقد الأدلة والبيان، كما يجيزونه مع فقد القدرة.

  والمراد عندنا بالآية: أنه أراد بقوله: فمن يرد اللّه أن يهديه إلى الثواب في الآخرة جزاء له على إيمانه، يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله عن الثواب في الآخرة يجعل صدره ضيقا حرجا، وظاهر الكلام يقتضى⁣(⁣٣) أن المراد مستقبل، ولا يمكن أن يمنع من حمله على ما قلناه!

  فإن قيل: فما الفائد في شرح اللّه الصدر وضيقه في الفريقين، وأي تعلق لهما⁣(⁣٤) بالهداية والضلالة اللذين ذكرتموهما؟


(١) انظر الزمخشري، حيث أدار الكلام في تأويل الآية كلها على اللطف: الكشاف ٢/ ٣٨، مطبعة مصطفى محمد سنة ١٣٥٤.

(٢) ف: والإيمان.

(٣) ساقطة من د.

(٤) ساقطة من د.