[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  قيل له: إنه تعالى بين أن من يرد اللّه أن يهديه إلى الثواب في الآخرة.
  يلطف له(١) في الدنيا بضروب من الألطاف والتأييد وزيادات الهدى، فيشرح بذلك صدره للإيمان، ومن يرد عقابه يفعل فيه ما يقتضى ضيق صدره بما هو فيه من إظهار الأدلة، إلى ما شاكله، وهذا يؤذن أنه أراد من كل واحد منهما الطاعة؛ لأنه إن أراد شرح صدر المؤمن كان أقرب إلى تثبيته «على إيمانه، وإذا ضيق صدر الكافر كان أقرب إلى أن يقلع عن الكفر(٢)؛ لأن المتعالم من حال من ضاق صدره بشيء وتحير فيه، أن يطلب التخلص منه.
  وقوله تعالى بعده: {كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} يدل على أن ما تقدم ذكره عقوبة في الحقيقة، ويقوى ما قدمناه من التأويل،
  فإن قال: إنا نجد الكافر غير ضيق الصدر بما هو فيه، والظاهر منه خلافه، فكيف يصح في خبره تعالى الخلف؟
  قيل له: إنه تعالى بين أنه يجعل صدره ضيقا حرجا، ولم يقل: في كل حال، ومعلوم من حاله في أحوال كثيرة أنه يضيق صدره بما هو عليه، عند ورود الشبه والشكوك، وعند مجادلة المؤمن له في أدلة اللّه. وهذا القدر هو الذي يقتضيه الظاهر.
  وبعد، فإن ما ظهر منه لا ينافي أن يكون صدره ضيقا؛ لأن مجاحدة ذلك لا تمنع، لفقد معرفتنا بالبواطن، فما قالوه لا يمنع من حمل الكلام على ظاهره.
  وتحتمل الآية وجها آخر، وهو أنه أراد بقوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ}
(١) ساقطة من د.
(٢) ساقط من ف.