[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ٢٣٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه زين للمشركين قتل أولادهم، فقال تعالى: {وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ}(١) ... [١٣٧].
  والجواب عن ذلك: أنه تعالى بين في آخر الكلام أن الذي زين: هم شركاؤهم، فلا شبهة في هذا الباب، ولا ننكر أن شركاء الكفار زينوا لهم هذه المعصية وسائر المعاصي ورغبوهم فيها، وأمروهم بذلك، وبعثوهم عليه.
  ٢٣٧ - وقوله تعالى من بعد: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ} يجب أن يحمل على أن المراد به: لو شاء أن يحملهم على خلاف ما فعلوه، لكنه تضمن بالتكليف التخلية التي معها يصح استحقاق الثواب، فلما يشأ ذلك، فلا يصح للمجبرة التعلق بهذه الكلمة!
  ٢٣٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه قد يجازى على المعاصي بتشديد التكليف، وأنه إذا جاز ذلك لم يمتنع أن يضل من قد عصى، على هذا الحد، فقال: {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ}[١٤٦].
  والجواب عن ذلك: أنه يمتنع أن يكلف تعالى على طريق العقوبة على ذنب(٢) سلف؛ لأن الغرض بالتكليف التعريض للمنافع، والغرض بالعقوبة استيفاء ما يستحقه من الضرر على ما سلف(٣)، والصفتان تتنافيان، فلا يجوز في التكليف أن يكون عقوبة.
(١) تتمة الآية: {لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ}
(٢) د: ذلك.
(٣) د: ما أسلف.