متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 266 - الجزء 1

  ٢٣٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه زين للمشركين قتل أولادهم، فقال تعالى: {وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ}⁣(⁣١) ... [١٣٧].

  والجواب عن ذلك: أنه تعالى بين في آخر الكلام أن الذي زين: هم شركاؤهم، فلا شبهة في هذا الباب، ولا ننكر أن شركاء الكفار زينوا لهم هذه المعصية وسائر المعاصي ورغبوهم فيها، وأمروهم بذلك، وبعثوهم عليه.

  ٢٣٧ - وقوله تعالى من بعد: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ} يجب أن يحمل على أن المراد به: لو شاء أن يحملهم على خلاف ما فعلوه، لكنه تضمن بالتكليف التخلية التي معها يصح استحقاق الثواب، فلما يشأ ذلك، فلا يصح للمجبرة التعلق بهذه الكلمة!

  ٢٣٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه قد يجازى على المعاصي بتشديد التكليف، وأنه إذا جاز ذلك لم يمتنع أن يضل من قد عصى، على هذا الحد، فقال: {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ}⁣[١٤٦].

  والجواب عن ذلك: أنه يمتنع أن يكلف تعالى على طريق العقوبة على ذنب⁣(⁣٢) سلف؛ لأن الغرض بالتكليف التعريض للمنافع، والغرض بالعقوبة استيفاء ما يستحقه من الضرر على ما سلف⁣(⁣٣)، والصفتان تتنافيان، فلا يجوز في التكليف أن يكون عقوبة.


(١) تتمة الآية: {لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ}

(٢) د: ذلك.

(٣) د: ما أسلف.