[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  الإضافة على غير وجه الفعلية، وفي ذلك إبطال تعلقهم بالظاهر.
  ثم يقال للقوم: لو كان التمييز بين الأمرين في الكلام يقتضى قدم الأمر لم يكن لإضافته ذلك إليه على حد إضافته الخلق، معنى؛ أن ذلك لا يصح في القديم، ولا كان ذلك مما يصح فيه الامتنان والتمدح، والآية وقعت على هذا الحد.
  ويقال لهم: إن كانت الإضافة تدل على أنه الفاعل لكل شيء، فيجب أن تدل على أنه القادر على كل شيء فقط، ويجب أن تدل على أن العبد لا يستحق ذما ولا مدحا.
  وإنما ذكر تعالى ممتدحا اقتداره فقال: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ}(١) ثم انتهى إلى قوله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} منبها بذلك [على] أنه المقتدر على الأمور التي تقدم ذكرها، مما بها يقوم أمر الناس والنفع العام، لأنه ذكر الأرض والسماء والشمس والقمر والليل والنهار، ولو أراد(٢) به أفعال العباد لم يكن لذكره عقيب خلقه هذه الأمور فائدة! ويحل محل قول القائل: إنه خلق السماوات والأرض وما فيهما من الشمس والقمر والنجوم السائرات، وما تقتضيه حركاتها من ليل ونهار، ألا له الخلق والأمر الذي هو حركات العباد، وهذا «مما يعد لكنة(٣) في الكلام، يتعالى اللّه عن ذلك.
  ٢٥٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يريد الكفر وأنه لأجل مشيئته يقع من الكافر، ولولا إرادته لم يقع منه، فقال تعالى في قصة
(١) تتمة الآية: {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} سورة الأعراف: ٥٤.
(٢) في د: أرادوا.
(٣) د: فيما يعود لاكنة.