[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وقد قيل: إنه سأل الرؤية لنفسه، وأن ذلك لا يمتنع أن لا يعرفه النبي، أو يطلب الزيادة في المعرفة «بزيادة الأدلة(١): وترادفها، لأنه من الباب الذي يعرف ذلك بالسمع.
  والوجه الأول أولى؛ لأن الأنبياء $ لا يجوز أن يجهلوا ما يرجع إلى معرفة اللّه تعالى، لما في ذلك من التنفير عنهم؛ لأنه يؤدى إلى جواز أن يسألوا عن ذلك فيجهلوه وغيرهم يعرفه.
  فإن قال على الجواب الأول: أفيجوز أن يسأل عن قومه اتخاذ الصاحبة والولد، وأن يكون جسما ينتقل ويصعد وينزل، لكي يرد الجواب من قبله عليهم؟
  وإن امتنع ذلك عندكم فيجب مثله في الرؤية؛ لأن حالهما في استحالتهما عليه تعالى واحد.
  قيل له: إن في شيوخنا من أجاز ذلك، إذا غلب على ظن النبي «أنه إذا ورد(٢) الجواب عنه تعالى يكون القوم إلى معرفته وتدبره أقرب، ويكون ذلك في جوازه وامتناعه موقوفا على اجتهاد النبي #، وما يؤدى إليه رأيه، ويورد لفظ المسألة على الحد الذي لا يوهم الجهل بما سأل.
  ومنهم من امتنع من ذلك، وفصل بينه وبين الرؤية، بأن مع(٣) الجهل بهذه الأمور لا يصح معرفة اللّه تعالى على حد يمكن أن يستدل بكلامه، لأنه إنما يصح ذلك بعد العلم بالتوحيد، وبعد العلم بأنه تعالى لا يختار القبيح، فالجواب إذا ورد عن اللّه تعالى لم يمكنهم الاستدلال به على وجه، فلا تقع به الفائدة الملتمسة،
(١) د: زيادة للأدلة.
(٢) في د: أنه أورد،
(٣) د: موضع.