متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 306 - الجزء 1

  لا بد معه أن يقدر فيه حذف ليستقيم الكلام، وهو:

  وما خلقت الجن والإنس⁣(⁣١) وما أمرتهم بالطاعة وكلفتهم {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} لأن بنفس الخلق لا يصح تكليف العبادة. ومتى قرر ذلك حسن أن يعلق به {لِيَعْبُدُونِ}، فإذا قرر مثله فيما ذكروه لم يصح؛ لأنه لو قال تعالى: ولقد ذرأنا الخلق وأمرناهم بمجانبة الكفر وزجرناهم عنه لجهنم لتناقض القول؛ لأن ما تقدم يقتضى «أنه خلقهم⁣(⁣٢) لا لجهنم، والثاني يقتضى أنه خلقهم لها، وهذا في التناقض كما ترى!

  فيجب أن يحمل الكلام على أن المراد به العاقبة، فكأنه قال: ولقد ذرأناهم والمعلوم أن مصيرهم وعاقبه حالهم «دخول جهنم⁣(⁣٣) لسوء اختيارهم، وهذا كقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً} من حيث كان ذلك هو العاقبة وإن كانوا إنما التقطوه ليفرحوا به ويسروا، وهذا ظاهر في اللغة والشعر⁣(⁣٤).

  ٢٧٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يستدرج العبد إلى المضار بالكفر، من حيث لا يعلم، وأنه يمد له في العمر لذلك، فقال:

  {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ١٨٢ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}⁣[١٨٢ - ١٨٣].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه يستدرج من كذب بآياته، ولم يذكر ما يستدرجه إليه، فلا يصح التعلق به في أمر مخصوص! ولا ننكر أنه


(١) ساقط من د.

(٢) ساقط من ف.

(٣) ساقط من د.

(٤) انظر الفقرة: ٢٣٣.