متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 318 - الجزء 1

  الكفار دون المؤمنين، وذلك يوجب في كل قتل أن يكون تعالى فعله، وأن يوصف بأنه قتل الأنبياء والصالحين!

  ويلزمهم أن تكون الأسماء المشتقة من هذه الأفعال للّه تعالى دون العبد، وهذا مما لا يبلغه مسلم؛ لأن القوم إن أضافوا الفعل إلى اللّه، فمن قولهم إن الظالم القاتل المجبر هو العبد، دونه، لعلل باطلة يذكرونها في ذلك! والآية تنقض هذا القول منهم، فتعلقهم بظاهرها لا يمكن.

  ويجب بالآية أن لا يجوز وصف العبد بأنه قتل وهو قاتل، وهذا مما لا يقول به أحد، ويوجب أن يكون تعالى هو الموصوف بأنه رمى؛ من الرمي الواقع من العبد.

  وفي ذلك ما قدمناه من وجوب وصفه تعالى بكل اسم مشتق من فعل العبد!

  وبعد، فإن حمله على ظاهره يوجب التناقض؛ لأنه تعالى أثبت الرمي له بقوله: {إِذْ رَمَيْتَ} ثم نفاه عنه بقوله: {وَما رَمَيْتَ}، {وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى}، فلا بد من تأويله على خلاف الظاهر، ومتى وجب الدخول في التأويل بطل التعلق لهم بالظاهر!

  والمراد بالآية: أنه تعالى بين للمؤمنين أن ما فعلوه من قتل الكفار، لم يكن على جهة الاستبداد منهم وبحولهم وقوتهم، وأنهم وصلوا إليه بمعونته تعالى وألطافه؛ لأنهم لو لم ينصرهم بالإمداد بالملائكة، والربط على القلب وتثبيت القدم، وإلقاء الرعب في قلوب الكفار؛ لم يتم لهم من قتلهم ما تم، وقد بينا جواز إضافة الطاعة إليه تعالى إذا وقعت بتيسيره وألطافه ومعونته، فلا وجه لإعادة ذكره⁣(⁣١).


(١) انظر الفقرة ٤٢ وانظر كذلك الفقرات ١٥، ٢٩، ١٦٥.