[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  والجواب عن ذلك: أن ما يحصل من سير راكب الفلك في البحر، هو من فعله تعالى في الحقيقة؛ لأنه المجرى له مجرى الماء، والاعتماد الذي فيه هو من فعله تعالى، وإذا كان من الملاح جدف له فليس يخرج من أن يكون تعالى هو المسير؛ من حيث جعل الماء بالصفة التي يصح التسيير عليها، وجعلها في الاعتماد بحيث تعين الملاح، فصار فعله لا يتم إلا بأفعاله تعالى ولا يمتنع أن يضاف إليه؛ لأن من حق أجزاء الفعل إذا وقعت من فاعلين، والمعلوم من حال أحدهما أنه كان يتم منه التفرد [و] من حال الآخر أن ذلك لا يصح منه، صار جميعها كأنه من فعل من يصح منه التفرد، فهو بالإضافة إليه أحق، ولذلك لو حمل القوى منا والضعيف جسما ثقيلا وحالهما ما وصفنا لوجب أن ينسب ذلك إلى القوى، ولهذا صح أن يضيف تعالى سيرهم في البحر إلى نفسه على كل حال، وإن كان هناك في بعض الأحوال من العباد جدف [و] تحريك.
  فأما سير(١) العباد في البر فقد يضاف إلى اللّه تعالى، من حيث أمر به وبعث عليه إذا كان السير طاعة، فأما إذا كان معصية فلا يجوز أن يراد بالكلام، لأنه لا يصح أن يضاف إليه تعالى على وجه من الوجوه.
  وقد يحتمل أن يريد تعالى أنه مهد لهم الأرض ووطأها على الحد الذي صح معه السير عليها، فصار ذلك السير في الحكم كأنه من قبله، وعده عليهم في جملة نعمه.
  والوجه الأول هو الذي اختاره أبو علي ¥، لأن ما معه يصح الفعل لا يوجب حسن الإضافة، وإلا كان يجب جواز إضافة المعاصي إليه، لأنه الذي قوى عليها بوجوه التقوية والتمكين.
(١) ف: لتيسيره وصوابها: تسييره.