متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة النحل

صفحة 440 - الجزء 2

  وقوله عقيب هذه الآية: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} يدل على أنهم بينوا لهم خلاف قولهم إن الشرك بمشيئة اللّه، فلما لم يقبلوا، بين تعالى أنهم لم يؤتوا⁣(⁣١) من قبل البيان فقد ظهر وبان، وإنما أتوا فيه⁣(⁣٢) من قبل أنفسهم.

  ٤٠٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يهدى ويصل، فقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ}⁣[٣٦].

  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا أن في الهدى ما لا يجوز في الحكمة أن يفعله تعالى إلا ببعض عباده، وكذا الضلال، وإنما كان يصح تعلقهم بالظاهر لو كان الهدى والضلال لا يصح فيهما إلا العموم.

  والمراد بالآية: أن في كل أمة من انقاد الرسول وقبل منه واستحق الثواب، فهداه تعالى إليه، وفيهم من خالف فحقت عليه الضلالة.

  قال أبو علي |: ظاهر قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} يمتنع من أن يراد به⁣(⁣٣) الكفر، لأنه باطل وليس بحق، ولا يقال ذلك إلا في الحق والعدل إذا استحقه العبد، وهذا مثل قوله تعالى: {وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ}⁣(⁣٤) «ولو أن⁣(⁣٥) قائلا قال: إن


(١) في د: يؤمنوا.

(٢) ساقطة من د.

(٣) ساقطة من د.

(٤) من الآية: ٧١ في سورة الزمر.

(٥) د: وأن.