متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة النحل

صفحة 447 - الجزء 2

  يكون مستحقا للمدح وإن لم يجب أن لا يستحق الشكر. وكل واحد من هذا له باب وطريقة لا يجب استعمال المقايسة فيه، كما لا يجوز أن يقال: إن أحدنا إذا جاز أن يستحق العوض على الفعل [و] لا يفعله، فيجب أن يستحق المدح والذم، على هذا الحد!

  ومن شيوخنا، رحمهم اللّه، من أجاب عن ذلك بأنه تعالى يستحق التعظيم والشكر على الإيمان، كما يستحق المولى إذا أمر غلامه بالعطية، الشكر على العطية، وإن لم تكن من فعله لما صحت بفعله، فصارت كأنها واقعة منه، فكذلك الإيمان، وأجراه من هذا الوجه مجرى المسبب⁣(⁣١) عن فعله في هذه القضية.

  وفي شيوخنا، رحمهم اللّه، من قال: إنه تعالى إنما استحق الشكر على فعله من التمكين والتسهيل والألطاف لا على نفس الإيمان، لكنه لما عظم ما يستحقه عند مصادفة وقوع الإيمان صلح إطلاق ذلك، وإلا فالحقيقة ما ذكرناه. والذي نختاره ما ذكرناه أولا.

  فأما العبادة فلا يجب أن نستحق بهذه النعم، بل يستحق عندنا بالنعم المتقدمة للتكليف إذا حصلت ثم دامت، فنفس «ما يقع به التكليف⁣(⁣٢) لا نجعله شرطا في استحقاق العبادة، بل بعده رائدا في النعمة، ولو جعلناه شرطا لتناقض، على ما ذكره السائل.

  وهكذا الجواب لمن سأل عن مثل ذلك في الشكر، فقال: إن قيام العبد بالشكر من نعم اللّه تعالى، يستحق بها الشكر، فيجب أن يكون المستحق به


(١) ف؟

(٢)؟