ومن سورة النحل
  هو المستحق عليه؛ لأنا قد نجعل المستحق به ذلك ما تقدمه، فلا يلزم هذا التناقض.
  فأما ما يقولون من أنه تعالى لو وجب أن يشكر على النعم وأراد ذلك، لوجب في كل شكر نفعله أن يلزمه به شكر ثان فيؤدى إلى ما لا نهاية له، فغلط، لأن الشاكر إذا شكر على سائر النعم بشكر واحد، فقد أدى ما عليه، ويدخل نفس قيامه بالشكر «في جملة(١) ما شكر عليه حالا بعد حال، ولا يؤدى إلى ما لا نهاية له، وهذا بين(٢).
  ٤٠٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى - بعده - ما يدل على أنه يختص بالهدى المؤمن، فقال تعالى: {وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[٦٤].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام يقتضى أن يكون الكتاب هو الهدى لا الإيمان، فإذا صح ذلك فليس إلا القول بأنه دلالة لهم.
  وإذا ثبت ذلك وجب كونه دلالة للجميع؛ لأن القوم لا يخالفونا في ذلك ولأنه تعالى قد بين في غير موضع أنه هدى الجميع، وإنما خص بذلك المؤمن؛ لأنه الذي اهتدى به دون غيره، فصار كأنه هدى له. وقد تقدم القول في نظائر ذلك(٣).
  ٤٠٩ - وقوله تعالى من بعد: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ}(٤) الكلام فيه كالكلام في هذه الآية.
(١) في النسختين: وجملة.
(٢) انظر شرح الأصول الخمسة، ص: ٨٦.
(٣) انظر الفقرة: ١٦.
(٤) من الآية: ٨٩.