متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة النحل

صفحة 449 - الجزء 2

  ٤١٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أن العبد لا يقدر على شيء، فقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ}⁣[٧٥].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يوجب نفى القدرة أصلا، وليس ذلك مما يقوله القوم، ويقضى أن الذي لا يقدر هو العبد إذا كان مملوكا، وهذا التخصيص مما لا يقوله أحد!.

  والمراد بذلك: أنه لا يقدر على الإملاك كقدرة الأحرار من حيث جعل، لمكان الرق⁣(⁣١) غير مالك لما⁣(⁣٢) تحتوى عليه يده. فصار كالفقير الذي لا يقدر على شيء من الرزق، ولذلك ذكر بعده أمر الرزق والانفاق، لينبه بذلك على ما ذكرناه.

  ٤١١ - مسألة: قالوا: ثم ذكر - تعالى - بعده ما يدل على أن تصرف العبد من قبله، فقال: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ...}⁣[٧٩]

  فدل على أن وقوف الطير في الجوّ من قبله، وإذا صح ذلك في الطير وجب مثله في العبد!.

  والجواب عن ذلك: أن الظاهر إنما يقتضى أنها مسخّرات إذا كانت في جو السماء، وأنه تعالى يمسكها، وهذا يدل⁣(⁣٣) على أن وقوفها وطيرانها من فعله تعالى؛ لأن المسخّر لغيره يوصف بذلك، إذا فعل الأمور التي لولاها لما صح من


(١) في النسختين: الرزق.

(٢) ف: مما،

(٣) د: لا يدل.