ومن سورة النحل
  ٤١٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أن العبد لا يقدر على شيء، فقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ}[٧٥].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يوجب نفى القدرة أصلا، وليس ذلك مما يقوله القوم، ويقضى أن الذي لا يقدر هو العبد إذا كان مملوكا، وهذا التخصيص مما لا يقوله أحد!.
  والمراد بذلك: أنه لا يقدر على الإملاك كقدرة الأحرار من حيث جعل، لمكان الرق(١) غير مالك لما(٢) تحتوى عليه يده. فصار كالفقير الذي لا يقدر على شيء من الرزق، ولذلك ذكر بعده أمر الرزق والانفاق، لينبه بذلك على ما ذكرناه.
  ٤١١ - مسألة: قالوا: ثم ذكر - تعالى - بعده ما يدل على أن تصرف العبد من قبله، فقال: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ...}[٧٩]
  فدل على أن وقوف الطير في الجوّ من قبله، وإذا صح ذلك في الطير وجب مثله في العبد!.
  والجواب عن ذلك: أن الظاهر إنما يقتضى أنها مسخّرات إذا كانت في جو السماء، وأنه تعالى يمسكها، وهذا يدل(٣) على أن وقوفها وطيرانها من فعله تعالى؛ لأن المسخّر لغيره يوصف بذلك، إذا فعل الأمور التي لولاها لما صح من
(١) في النسختين: الرزق.
(٢) ف: مما،
(٣) د: لا يدل.