ومن سورة «بني إسرائيل»
  كثرناهم، وللّه تعالى أن يكثر المكلفين ويمكنهم من الطاعات، ومتى عصوا فإنما أتوا من قبل أنفسهم.
  ٤٢١ - مسألة: قالوا ثم ذكر بعده ما يدل على أنه تعالى يريد ما يريده العباد من تعجيل الشهوات التي قد تكون حسنة وقبيحة، فقال: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ}.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يدل على أن مرادهم قبيح، ولا على أن الذي عجله لهم كمثل، فليس له ظاهر في الوجه الذي تعلقوا به، ولو كان مرادهم فعل القبائح لكان تعالى إذا عجل لهم الدنيا لا يجب أن يكون قبيحا؛ لأن التمكين من اللذات يحسن وإن كان المتمكن بمثله يكون مقدما على القبيح، على بعض الوجوه. وقد صح أن التمكين من القبيح بالإقدار لا يقبح «بخلق الأجسام المشتهاة، فهذا أولى(١)، يبين ذلك أنه يمكنه مع وجودها أن يمتنع منه على وجه يشق فيستحق الثواب، كما يمكنه الإقدام، فلو قبح ذلك لوجب قبح
= «آمرنا» - بالمد والتخفيف، ويبعد أن يعنى قراءة «أمرنا» بقصر الألف وتخفيف الميم وكسرها - على مثال علمنا وفرحنا - وهي التي نسبها بعضهم إلى الحسن البصري؛ لأن الذي ذكره الطبري أن الحسن قرأ: (آمرنا) بمد الألف، قال الطبري: «وذكر عن الحسن أنه قرأ ذلك (آمرنا) بمد الألف من «أمرنا» بمعنى: أكثرنا فسقتها» ولم يعرض الطبري ولا غيره، لقراءة التخفيف وحدها، بالإضافة إلى أن «أمر» لازم، كما يقول العكبري، وقد أخرج البخاري في باب: {وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا ...} الآية من حديث عبد اللّه بن مسعود، قال (كنا نقول للحى إذا كثروا في الجاهلية: أمر بنو فلان).
فإذا عدى: ضعّف: (أمرنا) - بمعنى: أكثرنا، أيضا - أو همز: (آمرنا) ولعل هذا الوجه هو ما يعينه القاضي. وإن كان صاحب تاج العروس ذكر أنه يقال: (أمرهم اللّه فأمروا، أي كثروا) وعلى كل حال، فقد ذكر ابن خالويه أن قراءة المد والتخفيف شاذة أيضا. راجع الطبري ١٥/ ٥٦. فتح الباري ٨/ ٣١٨. أمالي المرتضى ١/ ٤ - ٥. القراءات الشاذة ص ٧٥، إملاء ما من به الرحمن للعكبرى: ٢/ ٨٩ وانظر تاج العروس مادة «أمر».
(١) ف: فبأن لا يقبح بخلق الأجسام المشتهاة أولى.