متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة طه

صفحة 488 - الجزء 2

ومن سورة طه

  ٤٥٨ - دلالة: وقوله تعالى: {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ٢ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ٣ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ ...}⁣(⁣١) يدل على حدوث القرآن، من جهات:

  أحدها: أنه وصفه بالتنزيل، وذلك لا يصح إلا في الحوادث.

  وثانيها: أنه وصفه بأنه تذكرة، وذلك لا يصح إلا فيما يفيد بالمواضعة، ولا يصح ذلك إلا فيما يحدث على وجه مخصوص، ولو كان قديما لاستحال جميع ذلك فيه، لأن ما لا مواضعة عليه لا يصح أن يعلم به الفائدة المقصود إليها.

  وما هذا حاله لا يجوز أن يكون له معنى، فيصير تذكرة لمن يخشى.

  وثالثها: أنه تعالى بين أنه أنزله عليه لهذا الغرض، والقصد إنما يؤثر في الحوادث، ومتى قالوا: إن المراد بذلك أنه أنزل العبارة عنه فقد تركوا الظاهر وادّعوا أمرا مجهولا، وسلّموا أن القرآن محدث، وهو الذي نريده.

  فإن قالوا: إذا كان القرآن عندكم عرضا، والأعراض لا يصح فيها الإنزال، فكيف يصح تعلقكم بالظاهر؟

  قيل له: إن الكلام وإن كان عرضا، ولا يصح فيه ما ذكرته في الحقيقة، فقد يقال في التعارف: إنه أنزل، إذا تحمله من يحكيه ويؤديه على جهته، وهذا


(١) وبعده: {وَالسَّماواتِ الْعُلى} الآيات: ١ - ٤.