ومن سورة طه
  ومنها: أنه [لا] يجوز فيما لم يزل أن يقول: {إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ} وهو معدوم؛ لأن ذلك كذب، تعالى اللّه عن ذلك، فلا يجوز - إذن - إلا أن يكون حادثا في ذلك الوقت.
  ٤٦٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه يخلق في العبد الإيمان وسائر ما يشرح به صدره، فقال: {قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ٢٥ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي}[٢٥ - ٢٦]
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه قد يلتمس منه تعالى انشراح الصدر، وهذا مما لا ندفعه، ولا نمنع من كونه تعالى قادرا عليه، ولا يجب إذا صح ذلك منه، أن لا يقدر العبد على الأفعال!.
  وقد بينا من قبل الكلام في الدعاء، وأنه لا يدل على أن المدعو به يجوز أن يفعل، فإنه متى فعل فهو(١) من الباب الذي من حقه أن يكون من أفعال العباد!
  وبعد، فلسنا نمتنع أن يكون تعالى يفعل في القلب وفي الصدر من المعاني ما يكون النبي والمؤمن أقرب إلى سكون النفس عن الأمور التي يشاهدها؛ لأن العلوم الضرورية قد تقتضى ذلك، وهي(٢) من فعل اللّه تعالى، على أن استعمال شرح الصدر في الأعراض التي يفعلها العبد مجاز، وحقيقته يجب أن تفيد ما عليه الجسم من الصفة، التي تضاد الحرج والضيق، وهذا لا يكون إلا من فعله.
  ومتى استعملناه في الاستدلال والمعارف المكتسبة فذلك توسع، فلا يصح تعلقهم به.
(١) في النسختين: وهو.
(٢) د: وهو