ومن سورة الحج
  بقوله: {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ}(١) وكذلك بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ}(٢).
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره(٣) إنما يدل على أنه يفعل ما يريد أن يفعله ولا يدل على «أنه يفعل ما يريد غيره(٤) مما ليس بفعل له، وهذا هو المعقول بالتعارف؛ لأن القائل إذا قال: أفعل ما أريد، لم يعقل منه إلا إرادة ما تقدم ذكره، كما إذا قال: آكل ما أريد، «فالمراد به(٥) ما أريد أكله، وأضرب من أريد: يعنى «من أريد(٦) ضربه، ومتى لم يحمل ذلك عليه تناقض الكلام وفسد ولم يكن لآخره تعلق بأوله، وهذا مما لا يقع، فإذا صح ذلك فالذي اقتضاه الظاهر أنه تعالى يفعل ما يريد أن يفعله، وهذا مما لا نخالف فيه. ومتى قالوا: إن فعل العبد مما يريد أن يفعله، يلزمهم أن يدلوا - أولا - على أنه من فعله(٧)، ثم(٨) يستقيم لهم ذلك، وإذا كان لا بد من تقديم الدلالة على ذلك، فكيف يمكن أن يستدل به عليه؟!
  وبعد، فإنه تعالى ذكر قبل ذلك: أن اللّه يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار، ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ}(٩) مبينا بذلك أنه مريد لما تقدم، فاعل له لا محالة، لا يجوز عليه
(١) من الآية: ١٦.
(٢) من الآية: ١٨.
(٣) ساقطة من د.
(٤) ف: أنه يفعل ما يريد غيرها وما يريد من غيره.
(٥) د: والمراد.
(٦) ساقط من د.
(٧) في د: فعلهم!
(٨) ف: لم.
(٩) قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ}.
الآية: ١٤.