التجريد في الفقه على المذهب الزيدي،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب على الإمام أن يوصي به سراياه

صفحة 293 - الجزء 1

  ويجوز للإمام أن يستعين بالمخالفين الفاسقين على الفجرة الكافرين إذا جرت فيهم الأحكام وأقيمت عليهم الحدود ولم يمتنعوا من ذلك وكانت مع الإمام طائفة من المؤمنين.

  قال القاسم #: ولا بأس للإمام أن يستعين بالمشركين إذا احتاج إليهم.

  ولا يجوز للإمام التنحي عن الأمة، والترك لهم ما وجد فيهم جماعة يعينونه على أمر الله ø ويأتمرون له ويجاهدون معه، فإن لم يجد منهم أحداً كذلك جاز له التنحي عنهم.

  والجاسوس إذا ثبت أنه قُتل أحد بجساسته قتل، وإلا حبس.

  والأسير إن كان قتل أحداً من المسلمين قتل به، وإن كان جرحه اقتص منه، وإن لم يكن ذلك فعل الإمام به ما يراه من حبس أو إطلاق، ولم يجز له قتله إلا أن يظهر منه بعد الأسر مضارة للمسلمين والحرب قائمة، فإذا كان ذلك كان للإمام قتله إن رأى ذلك صلاحاً.

  وللإمام أن يحبس كل من خاف معرته.

باب القول فيما يجب على الإمام أن يوصي به سراياه

  إذا وجه الإمام سراياه لمحاربة العدو وجب عليه أن يوصيهم بتقوى الله وإيثار طاعته، والرفق، وحسن السياسة، والتثبت في الأمر، ثم يقول: (بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه لا تقاتلوا القوم حتى تحتجوا عليهم، فإن أجابوكم إلى الدخول في الحق والخروج من الباطل فهم إخوانكم لهم ما لكم وعليهم ما عليكم، وإن أبوا ذلك وقاتلوكم فاستعينوا بالله عليهم، ولا تقتلوا وليداً، ولا امرأة، ولا شيخاً كبيراً لا يطيق قتالكم، ولا تعوّروا عيناً، ولا تعقروا شجراً إلا شجراً يضر بكم، ولا تمثلوا بآدمي ولا بهيمة ولا تغلوا ولا تعتدوا، وأيما رجل من أقصاكم أو أدناكم أشار إلى رجل بيده فأقبل إليه بإشارته فله الأمان حتى يسمع كلام الله وكتابه وحججه، فإن قبل فأخوكم، وإن أبا فردوه إلى مأمنه، واستعينوا بالله،