شرح قطر الندى وبل الصدى،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[تعريف التنازع، وأحكامه]

صفحة 124 - الجزء 2

باب في التنازع

ص: بابٌ في التَّنَازُع:

  يَجُوز في نحْوِ «ضَرَبَنِي وَضَرَبْتُ زَيْداً»، إعْمَالُ الأوَّلِ - واخْتَارَهُ الكُوفيُّونَ -؛ فَيُضْمَرُ في الثَّانِي كُلُّ ما يَحْتَاجُهُ، أَوِ الثَّانِي - واخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ -، فَيُضْمَرُ في الأوَّلِ مَرْفُوعُه فَقَطْ، نحو: «جَفَوْني ولمْ أَجْفُ الأخِلاَّءَ». وَلَيْسَ مِنْهُ: «كَفَانيِ ولَمْ أَطْلُبْ قَلِيلٌ مِنَ المَالِ»؛ لِفسَادِ المَعْنى.

[تعريف التنازع، وأحكامه]

  ش: التنازع: أن يتقدم عاملان أو أكثر، ويتأخر معمول أو أكثر، وكل عامل من هذه يطلب المتأخرَ معمولا له، نحو: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً(⁣١)}⁣[الكهف ٩٦]، فكل من {آتوني} و {أفرغ} يطلب {قطرا} معمولا له، ونحو: «اللهم صلِ وبارك وترحم وتحنن وسلم على محمد وعلى آل محمد»، فكل من الأفعال الخمسة المتقدمة يطلب: «على محمد» ... الخ.

  إذا عرفت هذا فهو معمول للكل في المعنى، وأما في اللفظ فلا يصح إعمالها جميعا إذا اختلف الطلب فكان أحدهما يطلبه فاعلا، والآخر يطلبه مفعولا، فلا يصح أن يكون مرفوعا منصوباً في حالة واحدة.


(١) الإعراب: آتوني: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو في محل رفع فاعل، والنون للوقاية، والياء: في محل نصب مفعول به. أفرغ: فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر لأنه جواب الطلب، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا في محل رفع. عليه: جار ومجرور متعلق بِـ «أفرغ». قطرا: مفعول به لـ «أفرغ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

الشاهد فيها: قوله تعالى: {آتوني أفرغ عليه قطرا}، حيث تقدم عاملان - فعلان -، كلاهما يطلب المفعول المتأخر عنهما؛ فـ {آتوني} يطلب مفعولا ثانيا، و {أفرغ} يطلب مفعولا، فقدِّر المفعول الثاني للعامل الأول: «آتونيه»، وأعمل الفعل الثاني في المفعول، لقربه منه.