شرح قطر الندى وبل الصدى،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[مواضع تأخير الفاعل عن المفعول]

صفحة 114 - الجزء 2

[مواضع تأخير الفاعل عن المفعول]

  ص: وَالأَصْلُ أَنْ يَلِيَ عَامِلَهُ، وَقَدْ يَتَأَخَّر جَوَازًا، نَحْوُ: {وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ}⁣[القمر ٤١] و «كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسى عَلَى قَدَرٍ»، وَوُجُوبًا، نَحْوُ: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ}⁣[البقرة ١٢٤] وَ «ضَرَبَنِي زَيْدُ».

  ش: ذكر هنا أن الأصل في الفاعل أن يأتي بعد الفعل ثم يذكر المفعول به، ولا يجوز حذف الفاعل؛ لأنه عمدة لا يتم الكلام إلا به، أو بنائبه، وقد يستغني عن المفعول؛ تقول: «قام زيد» فيتم الكلام بدون المفعول، ولا يتم الكلام بدون الفاعل؛ فلا تقول: «ضرب زيداً» ويتم به الكلام.

  وقد يتقدم المفعول به على الفاعل جوازا أو وجوبا، فالجواز نحو: {وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ(⁣١)}، وقول الشاعر:

  ٢٨ - ................................ ... كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسى عَلَى قَدَرٍ⁣(⁣٢)


(١) الإعراب: ولقد: الواو جر وقسم، اللام: لام جواب القسم، قد: حرف تحقيق. جاء: فعل ماض مبني على الفتح. آل: مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وآل مضاف وفرعون: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف. النذر: فاعل مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الشاهد فيها: قوله تعالى: {ولقد جاء آل فرعون النذر}، حيث تقدم المفعول به على الفاعل جوازاً.

(٢) صدر البيت: جَاءَ الخلافةَ أَوْ كانتْ لَهُ قَدَرًا ... ...................

الإعراب: جاء: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر، وفاعله ضمير مستتر تقديره: هو في محل رفع. الخلافة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. أو: حرف عطف. كانت: كان فعل ماض، والتاء للتأنيث، واسم كان ضمير مستتر تقديره هي. له: جار ومجرور متعلق بقدرًا. قدراً: خبر كان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. كما: الكاف حرف جر. وما: مصدرية. أتى: فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر. ربه: منصوب على التعظيم وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، ورب مضاف والهاء: ضمير في محل جر مضاف إليه. موسى: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر. على قدر: جار ومجرور متعلق بـ «أتى»، و «ما» وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لمصدر محذوف والتقدير: جاء الخلافة إتياناً كإتيان موسى ربه على قدر.

الشاهد فيه: قوله: «أتى ربَّهُ مُوسى»، حيث تقدم المفعول به «ربه» على الفاعل «موسى» وقد أعاد الضمير المتصل بالمفعول المتقدم على الفاعل المتأخر لفظاً؛ وهذا شائع في كلام العرب؛ لأن الضمير ولو عاد على متأخر لفظاً لكنه متقدم رتبة.