[2 - المصدر]
  الثاني: أن لا يكون مصغرا؛ لأن التصغير من خصائص الأسماء، فيبعد عن مشابهة الفعل، فلا تقول: «يعجبني ضُرَيْبُكَ زيدًا».
  الثالث: أن لا يكون مضمرا، لأن الفعل مبهم، والتعريف والتخصيص من خصائص الأسماء، وأيضاً لزوال حروف الفعل بالإضمار.
  الرابع: أن لا يكون محدودا، فلا يعمل الذي يدل على المرة أو المرتين، كـ «ضربة» أو «ضربتين»؛ لأن المصدر المحدود قد بعد شبهه بالفعل لأن الفعل يدل على الحدث من غير تقييد بمرة واحدة أو مرتين، وهذا المصدر ذو التاء يدل على الحدث مقيداً بالمرة الواحدة أو المرتين؛ ولهذا جعلوا من الشواذ قول الشاعر:
  ٤٨ - يُحايِي بِهِ الجَلْدُ الذي هو حَازِمٌ ... بضربةِ كفيهِ الملَا نفسَ راكبِ(١)
  لأن الضربة بمعنى المرة.
  وقد يقال: إن الشاعر لم يرد به المرة، إنما اضطر إلى التاء لئلا يقصر الشعر عليه؛ وذلك لأنه أراد أنه ترك التوضؤ بالماء وأحيا به نفس راكب، وعدل إلى التيمم، وهو ضرب التراب بكفيه؛ لأن الملا: التراب، والمتيمم لا يضرب التراب ضربة واحدة، بل ضربتين أو أكثر.
(١) اللغة والمعنى: يحايي: أي يحيى، ينعش. الجلد: القادر على تحمل المصاعب. الحازم: الضابط لأموره. الملا: التراب. يصف الشاعر رجلًا كان معه ماء، فجاء به إلى آخر عطشان، وتيمم بدلًا من أن يتوضأ، وبذلك أحيا الرجل العطش الذي كان بحاجة إلى ذلك الماء. وهكذا يكون الرجل الجلد والحازم يحيي نفس الراكب بالماء الذي كان معه.
الإعراب: يحايي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. به: الباء حرف جر، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل يحايي. الجلد: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. الذي: اسم موصول مبني في محل رفع نعت للجلد. هو: ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ. حازم: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة. بضربة: الباء حرف جر، ضربة: اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بالفعل يحايي، وضربة مضاف وكفيه: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. الملا: مفعول به لضربة، منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. نفس: مفعول به ليحايي منصوب بالفتحة، وهو مضاف. راكب: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
الشاهد فيه: قوله «بضربة كفيه الملا»، حيث إن «ضربة» مصدر محدود أضيف إلى فاعله، ونصب «الملا» وهو مفعوله، وهذا النصب شاذ؛ لأن المصدر المحدود لا يعمل، فإذا ورد حكم بشذوذه.