شرح قطر الندى وبل الصدى،

الحسين بن يحيى بن محمد (المتوفى: 1435 هـ)

[حكم «كأن» المخففة]

صفحة 93 - الجزء 1

  واعلم أنَّ «كأن» لا يصلح أن يكون اسمها ضمير الشأن؛ لأن معناها التشبيه، والتشبيه معه ممتنع في كل الأمثلة؛ إلا إذا كانت للظن.

  وإن كان الخبر جملة فعلية فصل بينهما بـ «لم»، كقوله تعالى: {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ(⁣١)}⁣[يونس ٢٤]. أو «قد»، كقوله:

  ٢٣ - أَزفَ التّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكابَنا ... لما تَزُلْ بِرِحالِنا، وكَأَنْ قَدِ⁣(⁣٢)

  أي: وكأن قد زالت، فجملة «زالت» المحذوفة خبر، واسمها: ضمير يعود إلى الركاب، أي: وكأنها - أي: الركاب - قد زالت بالرحال، وهي الحمولة.


(١) الإعراب: كأن: حرف تشبيه ونصب مخفف، واسمها ضمير الشأن محذوف والتقدير: كأنه. لم: حرف نفي وجزم. تغن: فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي. بالأمس: جار ومجرور.

الشاهد فيها: قوله تعالى: {كأن لم تغن}، حيث جاءت «كأن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، وخبرها جملة فعلية مفصولة بـ «لم»، وجوبا.

(٢) اللغة والمعنى: أزف: قرُب ودنا، الترحل: الارتحال، أي: الانتقال، الركاب: الإبل، تزل بضم الزاي: مضارع زال، الرحال: جمع رحل، وهو ما يوضع على ظهر المطية لتركب، وكأن قد" أي: وكأن قد زالت وذهبت، قرينة لما تزل. يقول: قرب الترحل ومفارقة الديار، ولكن الإبل لم تزل فيها وكأنها قد فارقتها لقرب وقت الارتحال.

الإعراب: أزف: فعل ماض. الترحل: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. غير: مستثنى منصوب بالفتحة، وهو مضاف. أن: حرف توكيد ونصب. ركابنا: اسم أن منصوب بالفتحة، وهو مضاف، ونا: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. لما: حرف جزم. تزل: فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. برحالنا: الباء حرف جر، ورحالنا: اسم مجرور بالباء وعلامة جرة الكسرة، وهو مضاف، ونا ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل تزل. وكأن: الواو حرف عطف، كأن: حرف تشبيه ونصب مخفف من كأن، واسمه ضمير شأن محذوف. قد: حرف تحقيق مبني على السكون، وحرك بالكسر للضرورة الشعرية، وقد حذف مدخوله، تقديره: قد زالت.

الشاهد فيه: قوله: «وكأن قد»، حيث خفّفت كأنّ، وحذف اسمها، ووقع خبرها جملة فعلية، وفصل بين كأن وخبرها بِـ «قد»، وحذف الفعل الذي تدخل قد عليه.