معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 107 - الجزء 1

  فرع: وللاجتماع المذكور شُرع إزالة الأدرانِ بالاغتسال ولبسُ نظيف الثياب، والتماس شيء من الطيب، والترفيه على الأنفس والأرقاء، وإظهار السرور، وإعلان نعمة الإسلام، كما نبه عليه الشارع⁣(⁣١).

  فرع: ولشرعية الاجتماع في ذلك اليوم نُدِبَ الإلمامُ بمن لم يحضر الصلاة كزيارة الأرحام وعيادة المرضى، حتى شرع زيارة الموتى، ولما شرع الاجتماع بالإخوان والأرحام كُرِهَ صيام ذلك اليوم لما في الاجتماع على الطعام من إلفة القلوب وإذهاب وَغَرِها كما نبه عليه الشارع⁣(⁣٢).

  مسألة: الجمعة والظهر كصلاة واحدة؛ ولذلك إذا اختلَّ شيء من شروطها بعد الإحرام بها أُتمت ظهراً، وإذا تيمم لأحدهما وتعذر عليه فعلها أجزأه للأخرى، وصحت صلاة الظهر خلف إمام الجمعة، فعلم بذلك أن إحداهما بدل من الأخرى، فقال الجمهور: الجمعة بدلٌ؛ إذ الواجب عند الفوت قضاء الظهر كما يلزم مَنْ فاته صومُ الإحصار الأصلُ الذي هو الدم، ومَنْ عجز عن


= البَاطِنِ، وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ أَنْ يَعْمَلوا بِظَاهِرِ العَدَالَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَكَلَّفُوا مَعْرِفَةَ البَاطِنِ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ الإِمَامُ غَيْرَ عَادِلٍ فِي البَاطِنِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ مَهْمَا كَانَ ظَاهِرُهُ العَدَالَةَ، وَأَنَّ الْعِصْمَةَ غَيْرُ شَرْطٍ فِي الأَئِمَّةِ، وَفِيْهِ رَدٌّ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَهَا كَالإِمَامِيَّةِ، وَهَذِهِ فَوَائِدُ عَظِيْمَةٌ. وَتَأَوَّلَهُ الإِمَامُ القَاسِمُ # فِي (الاعْتِصَامِ) بِتَأْوِيْلٍ حَسَنٍ، خُلَاصَتُهُ: أَنَّ اللَّامَ تُفِيْدُ الاخْتِصَاصَ، فَالْجَائِرُ لَيْسَ بِإِمَامٍ لِلْمُؤْمِنِ، فَلَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ، وَإِنَّمَا يُعَاقَبُ مَنِ ائْتَمَّ بِهِ، فَلَا يَدْخُلُ الْمُؤْمِنُ فِي الوَعِيْدِ بِتَرْكِهَا مَعَ الْجَائِرِ. قُلْتُ: وَأَيْضًا فِي الْخَبَرِ: «مَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا وَجُحُودًا»، وَفِي بَعْضٍ: «مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ»، فَتَارِكُهَا مَعَ الإِمَامِ الْجَائِرِ لَيْسَ مُسْتَخِّفًا بِهَا، وَلَا جَاحِدًا لِحَقِّهَا. مَعَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ الأَدِلَّةِ مِنَ الآيَاتِ وَالأَخْبَارِ الْمُفِيْدَةِ لِلْمَنْعِ، وَإِجْمَاعِ أَهْلِ البَيْتِ .... الخ البحث. انظر مجمع الفوائد للإمام الحجّة مجدالدين بن محمد المؤيدي # ط ٢ ص ٧١٠ تحت عنوان: في صلاة الجمعة.

(١) بنحو ما أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ÷: «الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يَسْتَنَّ وأن يَمَسّ طيباً إن وجد». البخاري (٨٨٠)، ومسلم (٨٤٦).

(٢) أخرجه عن علي # الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد والإمام أحمد بن سليمان في أصول الأحكام والإمام المرشد بالله في الأمالي، وأخرج البخاري (١٩٨٥) عن أبي هريرة قال: سمعت النبي ÷ يقول: «لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده»، وأخرجه الترمذي (٧٤٣)، ومسلم (١١٤٤).