معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 106 - الجزء 1

  وإنما شُرعت على الصفة المخصوصة للتذكير والوعظ والتأليف بين قلوب المؤمنين واجتماع كلمتهم وإظهار شوكتهم لعيون أعدائهم، ففيها شائبة من الجهاد.

  فرع: فلذلك⁣(⁣١) جعلت في الأسبوع يوماً دفعاً لاستحكام غفلة القلوب وقسوتها فيما فوقها، وللملل والسآمة فيما دونه، وشُرِعَ فيها ما يمكن من الاجتماع عادةً وهو اجتماع أهل المصر وسوادها، ومن ثم لم تصح جمعتان في مصرٍ واحدٍ.

  فرع: ولما في صفتها من شائبة الجهاد رُخِّصَ فيها لمن رُخِّص له فيه كالعبيد والنسوان والمرضى، وإنما رخص للمسافر غير النازل دفعاً للحرج مع كون السفر مظنَّةَ الترخيص، ولذلك أيضاً جُعِلَ أمرها إلى الإمام؛ لأنه زعيم أمْرِهم وحامي سربهم، ومن ثَمَّ شُرع فيها الدعاء [له⁣(⁣٢)]، وكان شرطاً⁣(⁣٣) في صحتها عند المحققين كما أشار إليه الشارع بقوله ÷: «وله إمام عادل ... إلى آخره»⁣(⁣٤).


(١) أي: الوعظ والتذكير.

(٢) ساقط من (أ).

(٣) أي: الإمام.

(٤) عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله ÷: «يا أيها الناس توبوا إلى الله ø قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية تؤجروا وتحمدوا وترزقوا، واعلموا أن الله ø قد فرض عليكم الجمعة فريضة مكتوبة في مقامي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة من وجد إليها سبيلاً فمن تركها في حياتي أو بعدي جحوداً بها واستخفافاً بها وله إمام عادل أو جائر فلا جمع الله شمله، ألا ولا بارك الله له في أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا وضوء له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا وتر له حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه، ألا ولا تؤمن امرأة رجلاً، ألا ولا يؤمن أعرابي مهاجراً، ألا ولا يؤمَّنّ فاجر مؤمناً إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه وسوطه». أخرجه ابن ماجه (١٠٨١)، وعبد بن حميد في المسند (١١٣٤)، والبيهقي في السنن (٥٧٨٠) واللفظ له، والمنذري في الترغيب والترهيب وضعفه، وجميعهم عن جابر باختلاف يسير.

قال الإمام الحجّة مجدالدين بن محمد المؤيدي # تعليقاً على الحديث: وَمِنْهَا: حَدِيْثُ: «وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ»، وَقَدْ ضُعِّفَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ. وَتَأَوَّلَهَا الأَئِمَّةُ [منهم: الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني @ في (شرح التجريد) (١/ ٥٢٢)، وأخوه الإمام أبو طالب # في (الأمالي) (ص/٣١٨)، والإمام أحمد بن سليمان @ في (أصول الأحكام) (١/ ٢٦٠)، ومنهم السيد الإمام الحسين بن بدر الدين @ في (شفاء الأُوام) (١/ ٣٨٩)، والإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة @ في (الانتصار) (٤/ ٥٧)، والإمام القاسم بن محمد @ في (الاعتصام) (٢/ ٥٠)] بِأَنَّ الْمَعْنَى: جَائِرٌ فِي =