معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 110 - الجزء 1

  فرع: ولكون صلاة العيد شرعت لهذا السبب الخاص لم يُشرع قضاؤها كسائر ذوات الأسباب نحو: صلاة الكسوف؛ لأن الإتيان بها عقيب أسبابها صفة مقصودة للشارع وبعد فوتها لا تَعَقُّلَ لها، مثل ما مر في القضاء.

  فرع: فعلم أن فعل صلاة العيد في اليوم الثاني ليس قضاء وإلا لتساوت الأوقات فيه بل أداء لبقاء السبب وإن كان ناقصاً فاعتُبِرَ عند اللبس فقط.

باب صلاة السفر

  السَّفرُ مَظِنَّةُ الحرج والمشقة للأبدان فصلح سبباً للترخيص في العبادة البدنيَّة كقصر الرباعية والإفطار والجمع وترك الجمعة رِفْقاً منه بعباده وإرادةً لليُسْر بهم، ولم يزل سبحانه وتعالى يستوصي في ابن السبيل حتى جعل له سهماً في الخُمس والصدقة مع غنائه حيث غابَ مالُه.

  فرع: ويُعلم أنه يشترط لانعقاد السفر سبباً للترخيص كمالُ الأهليَّة للحكم، كما في سائر الأسباب، فإذا بلغ الصبي المسافر في بلدٍ دونَ مقصده لم يترخص حتى يخرج قاصداً لمسافة الترخيص؛ لأن خروجه الأول لم ينعقد سبباً في حقه، بخلاف الكافر إذا أسلم على القول بأنه مخاطب بالشرعيات.

  فرع: ولما شرعت الترخصات في حقه لدفع الحرج اشترط بعضُ أصحابنا والشافعي أن يكون ذلك الحرج كأنه من الشارع وهو حيث يكون بإباحته أو أَمْرِهِ ليصلح علَّة للترخيص فَنَفَوا الترخيص في سفر المعصية؛ إذ المعصية تناسب التشديد والتغليظ لا الترفيه والتخفيف.

  وذهب الجمهور إلى عدم اشتراطه محتجِّين بأن الحكم لَمَّا نِيْطَ بالمظنَّةِ وهو السفر لا بحقيقة الحكمة، لم يُفَرق بين سفرٍ وسفرٍ كما أن العدة لما نِيْطَتْ بمَظِنَّة اشتغال الرحم وهو الدخول، لم يُفَرق بين الصغيرة والكبيرة وهذا مما عُهِدَ


= الله ÷: «الضيافة ثلاثة أيام فما سوى ذلك فهو صدقة»، وأخرجه البزار عن ابن عمر (١٥٤/ ١٢).