[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  الصحراء مع العجيج والثجيج، ورفع الأصوات، والبروز بمن لا ذنب له كالصبيان والبهائم، وبأولي المنزلة عند الله استشفاعاً بهم إليه كالصالحين وذرية الرسول ÷، وتوقِّي أن يدخل بينهم أحد من أهل العصيان فيكون سبباً للحرمان.
  وشرع قبلها إخلاص التوبة تطهيراً للقلوب من المآثم، والتخلص من التبعات والمظالم، وتقديم الصدقة والصيام وأنواع البر، لتقرب بذلك منزلتهم من الله، فيكونوا أقربَ إلى الإجابة وعدم الخيبة ولا يطاع(١) غير المطيع كما نبه عليه الشارع.
  فرع: ولما كان المعنى في شرعيتها معقولاً قيس عليها الصلوات لطلب الحاجة من الله تعالى، وصارت الصلاة في هذه المواضع كأنها هدية أَمَامَ طَلَبِ الحاجة تستنزل بها الرحمة، ويستوجب بها العطف.
  فرع: فيؤخذ من ذلك شرعية تقديم الصدقة وأنواع البرِّ بين يدي الحاجة المطلوبة من الله تعالى، وقد كان مما شرع تقديم الصدقة بين يدي مناجاة الرسول ÷ ثم نسخ دفعاً للحرج كما أشار إليه القرآن.
  وقد شرع لمن أراد السفر ونحوه من ذوات الأخطار تقديم الصدقة وأنواع البر ليكون له عوناً على انقضاء إِرْبِه.
  ومن الصلاة لقضاء الحاجة صلاة الاستخارة؛ إذ هي لحاجة مخصوصة وقد رويت عن النبي ÷(٢).
(١) في (ب): «وألا يطاع».
(٢) روى الإمام الهادي في الأحكام عن النبي ÷: أنه كان يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن. وأخرج البخاري (١١٦٢)، وأبو داود (١٥٣٨) واللفظ له كلاهما عن جابر بن عبدالله قال: كان رسول الله ÷ يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن يقول لنا: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، وليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - يسميه بعينه الذي يريد - خير لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه، اللهم إن كنت تعلمه شراً لي مثل الأول فاصرفني عنه واصرفه عني واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به - أو قال: في عاجل أمري وآجله -». وأخرجه الترمذي (٤٨٠)، والنسائي (٣٢٥٣)، وغيرهم.