معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 120 - الجزء 1

  فرع: من أفطر لعذر ثم زال في الوقت لم يلزمه إمساك بقية يومه، ولغير عذر يلزمه فيما كان وقته متعيِّناً كرمضان، وليس بصوم، فلا تجب النية إن لم يكن قد نوى ولا الكفارة بالجماع، لا ما لم يكن متعيناً كالقضاء والكفارة، وإن أثم؛ لأن الحرمة في الأول⁣(⁣١) قد سقطت بالعذر دون الثاني⁣(⁣٢)، ولا حرمة للوقت في الثالث⁣(⁣٣).

  فرع: ومن أفطر بالأكل أو الشرب ناسياً فمن القسم الثاني عندنا.

  وقال كثيرون: لا يفطر لأنهما من جِبِلَّة الخلقة، فكان عفواً دفعاً للحرج الواقع من جهة الشارع كما أشار إليه الشارع، بخلاف⁣(⁣٤) ما لو جامع ناسياً؛ إذ ليس من الجِبِلَّة ونحن نقول: الجميع جناية على الصوم، وخطأ الجناية كعمدها⁣(⁣٥) في باب الضمان.

  فرع: ولكون تعمد الإفطار متضمناً لهتك الحرمة كان موجباً للكفارة، ولما ورد حديث المجامع اختلف العلماء هل العلة هتك الحرمة الكاملة بتعمد الفطر فتلزم بالأكل والشرب أو بالجماع فلا تلزم بهما؟ وهو مبنيٌّ على أن وَصْفَ الجماع في الأصل مُلغى أو معتبر لكونه مناسباً لزيادة التشديد؛ إذ ليس الحاجة إليه كالحاجة إليهما؛ ولذلك اتُّفِقَ على الإفطار به نسياناً دونهما على ما مر، فيكون قياس الأكل والشرب عليه قياس الأخف على الأغلظ، وهو في التحقيق بغير جامعٍ لتخلف جزء العلة.

  فرع: فلا كفارة على من أفطر ناسياً، ولا حيث تعقَّبه حيضٌ أو نفاسٌ أو مرضٌ لنقصان الحرمة، وكذا لو تعقَّبه سفر عند بعضهم، وقيل: بل يلزم لأن السفر باختياره.


(١) وهو من أفطر لعذر.

(٢) من أفطر لغير عذر.

(٣) القضاء والكفارة.

(٤) الذي في كتب الفقه التسوية بين الأكل والجماع، فينظر، المذهب التفصيل. هامش (ب).

(٥) في (ب): «كتعمدها».