معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 119 - الجزء 1

  أول رمضان فكذا عند جماعة من أصحابنا⁣(⁣١) وغيرهم؛ لتلك العلة، وأما آخره فلا بد من نصاب الشهادة اتفاقاً؛ لأن فيه إلزاماً لما كان⁣(⁣٢) محصوراً⁣(⁣٣) بخلاف أوله.

  مسألة: لما كان السبب قائماً في حقِّ المسافر والمريض كان الإفطار رخصة لهما، فلم يكن لهما أن يصوما فيه غيره.

  ثم إن مجرد السفر موجب الترخص؛ لقيامه مقام الحكمة؛ لعدم انضباطها، بخلاف المرض فالموجب له الضرر لانضباطه، خلافاً لبعضهم لظاهر القرآن.

  فرع: وحكم ما أوجبه العبد على نفسه حكم ما أوجبه الله ابتداء في الترخص وعدمه، فإذا أوجب العبد صوم يوم معين فوقع في السفر رُخِّصَ له في إفطاره، وإن كان غير معين فصامه في السفر أو صام فيه عن كفارة أو قضاء أو نحوهما لم يكن له الإفطار إلا لخشية الضرر؛ إذ لم يُرَخِّصِ الشارع إلا فيما عَيَّنه، لا فيما شرعه غير متعين ثم عَيَّنه العبد بالشروع فيه، فإن ذلك التعيين من العبد يقطع الترخص بالسفر.

  فرع: ومثل ذلك أن يوجب المسافر على نفسه صيام رمضان الذي هو فيه فإنه مسقط للرخصة، فلا يبيح له الإفطار إلا ما يبيح ترك الواجب، وهو خشية الضرر على ما مر، وعلى ذلك قال بعض أصحابنا والحنفية: إذا شرع المسافر في الصوم لم يكن له الإفطار، وهو بناء على اللزوم بالشروع، وسيأتي أن الشروع في العبادة غير موجب لتمامها، وأما لزوم الحج بالشروع فالعلة فيه ما تقدم.

  فرع: وإذا أوجب المسافر أو المريض الصوم مع خشية الضرر لم يصح النذر؛ إذ لا ثمرة له؛ لأن ترك كل واجب يستباح لخشية الضرر، فصار ناذراً بما لا جنس له في الوجوب.


(١) لعله يقال: اعتبر في قبول الواحد في اليوم للحرج لا في الشهر جملة ولفعله ÷. هامش (ب).

(٢) في (ب): «فيه».

(٣) في (ب، ج): «محظوراً».