معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 124 - الجزء 1

  حكم الكل، قيل: مع الطرفين ليصير الأقل محفوفاً بالأكثر فيثبت له حكمه.

  فرع: وإنما صح في الليالي تبعاً للأيام للتلازم بينها وبين الأيام لغةً وإنما يتلازمان في المتعدد، فمن نذر بليلة لم يصح وبيوم لم تتبعه الليلة، ومن نذر بالليالي صح أن يستثني بعض الأيام، وأما كلها فقيل: يصح نظراً إلى المعنى فيبطل النذر. وقيل: لا يصح نظراً إلى المقصود الأصلي وهو الأيام؛ إذ هو مستغرق؛ إذ الليالي تابعة كالصفة فاستثناء الأيام كاستثناء الموصوف وإبقاء الصفة مجردةً، وهذا القول هو المعمول عليه.

  فرع: ولدخول الليالي لزم التتابع على من أوجب شهراً مطلقاً، ولعدم الصوم فيها صح تبعيض الليلة بطروءِ الحيض مثلاً.

  فرع: ولكون إيجاب الاعتكاف إيجاباً للصوم على وجه التبعية إذا أوجب اعتكاف واجب الصوم لم يجب عليه صوم آخر، كمن أوجب صوم رمضان كما تقدم، لكن إذا فات وجب إفراده عند الحنفية وبعض أصحابنا بصوم آخر؛ لأن الأصل وجوب إفراده، لكن تعذَّر في واجب الصوم فسقط وأمكن في غيره فوجب.

  وقال بعض أصحابنا: له إدخاله تحت صوم آخر لأن النذر بالصوم في واجب الصوم غير صحيح، فلم يجب إلا الاعتكاف من أول الأمر، فله أن يدخله تحت أيَّ صوم شاء.

  فرع: فمن أوجب اعتكافَ سنةٍ غير معينة لم يجزئه في واجب الصوم فيها، بخلاف ما إذا كانت معينة، والوجه ظاهر.

  ومن أوجب صيامَ يومِ يقدم زيد ثم اعتكاف يوم الجمعة فاعتكفه ثم قدم زيد فيه - وجب عليه تحويل نية الصوم وأجزأ للاعتكاف، فإن قدَّم الاعتكاف في النذر بطل النذر بالصوم لما تقدم.

  فرع: وإنما صح النذر بالاعتكاف لأن جنسه واجب، وهو الوقوف بعرفة، وهو مشروع عند عدم سببه كالوقوف في المسجد لذكر الله؛ ولذلك لم يصح النذر بالاعتكاف في غير مسجد.